Site icon IMLebanon

باسيل يريد “حقيبة المنزل” و”حزب الله” خلف الستارة… والحريري ثابت

 

134 يوماً على تكليف الرئيس سعد الحريري تشكيل الحكومة “بلا جميلة حدا”. أجرى الاستشارات النيابية غير الملزمة واستمع لآراء الكتل النيابية، وبعد نحو 48 يوماً من التكليف ولقاءات مع رئيس الجمهورية وفق مقتضيات الدستور (بلغت 16 لقاء حتى اليوم)، قدم الحريري تشكيلة مهمة لا غبار عليها، من 18 وزيراً (9 مسيحيين – 9 مسلمين)، من الاختصاصيين غير الحزبيين، مهمتها وقف الانهيار واعادة اعمار بيروت وفق المبادرة الفرنسية.

 

خلال الأيام الـ134 للتكليف، كانت ولا تزال الحكومة التي شكّلها “التيار الوطني الحر” و”حزب الله” في حالة تصريف أعمال، مع صفر انجازات وصفر اصلاحات، وعلى الرغم من استلام ادارة السلطة لأكثر من سنة وثلاثة أشهر، لم يستطع “حزب الله” أو الوزير السابق جبران باسيل أو عمه رئيس الجمهورية وقف الانهيار في البلاد، بل لامس الدولار عتبة الـ10 آلاف، وانهارت كل القطاعات في البلاد التي تتلقى مساعدات، عبارة عن حليب اطفال، وبات الشعب يوصي المغتربين على حبوب “البنادول”، وباتت الجمهورية على طريق الوصول إلى “الانفجار الكبير”.

 

وقبل تلك الأيام الـ134 وتحديداً بعد استقالة حسان دياب، وحتى اليوم، كان الهم الوحيد والأوحد لدى رئاسة الجمهورية ومن في القصر الجمهوري، كيفية دفع الحريري إلى الاعتذار، خصوصاً بعدما اعتاد جسم القصر على ثوب رئيس حكومة “باش كاتب”، وكيفية انقاذ باسيل بعدما انهار العهد وطالت الصهر عقوبات من عيار الفساد انهت كل أحلامه السياسية. ويترافق ذلك مع حالة انكار وانفصام، لا تزال حاضرة، وترجمها أخيراً رئيس الجمهورية بمطالبته حاكم مصرف لبنان بمعرفة سبب ارتفاع سعر صرف الدولار وبلوغه عتبة الـ10 آلاف.

 

معارك “فالصو”

 

فشل باسيل، في استخدام موقع رئاسة الجمهورية لمنع وصول الحريري إلى التكليف. فبدأ في معارك سريعة السقوط، وتتمحور جميعها حول “الثلث المعطل”، ويقرأ المستقبليون في ذلك، صفة جديدة يبحث عنها باسيل هي “وزير البيت” و”حقيبة المنزل”، فما يريده رئيس “الوطني الحر” ثلثاً معطلاً يعوّض عنه الغياب عن طاولة الحكومة، ويعطيه قدرة على تعطيل اي قرار، ليكون صاحب الامرة من منزله، ويجبر رئيس الحكومة على زيارة “اللقلوق” عند كل محطة تعطيلية، ليقايض على كل “صغيرة وكبيرة”.

 

وللوصول إلى الهدف، استخدم باسيل كل انواع المعارك التعطيلية:

 

– الحريري ليس اختصاصياً، فجاء الجواب: رئاسة الحكومة موقع دستوري وليس ادارياً. حصل الحريري على التكليف باستشارات ملزمة ودستورية. الرئاستان الأولى والثانية يرأسهما حزبي. اي مجلس وزراء ينعقد في بعبدا سيرأسه حزبي.

 

– الحريري يعطل التدقيق الجنائي، فجاء الجواب: الحريري وكتلته مع التدقيق الجنائي، ليس في مصرف لبنان فحسب بل في كل الوزارات والادارات وليس من 30 سنة فحسب بل ايضاً منذ العام 1989. وصوتت “المستقبل” النيابية مع التدقيق الجنائي.

 

– الحريري يسلب حقوق المسيحيين، وجرت محاولات عدة لتحويل الازمة إلى فتنة بين المسيحيين والمسلمين، فجاء الجواب: “الوطني الحر” ليس وصياً على المسيحيين، وهناك 22 مسيحياً كلفوا الحريري في الاستشارات النيابية الملزمة وهناك أحزاب وقوى مسيحية وازنة في مجلس النواب، والحكومة ملتزمة بميثاق العيش المشترك والمناصفة، ومن تنازل لملء الشغور في الموقع المسيحي الأول لا يمكن وضعه في خانة “سالب حقوق المسيحيين”.

 

– الثنائي الشيعي و”التقدمي” سمّيا وزراءهما، فلماذا لا يسمي عون المسيحيين، جاء الجواب على لسان “امل” و”التقدمي” فالرئيس بري أكد أن الحريري من سمى الوزراء، وتقصّد أن يكونوا غير استفزازيين، كما عبّر رئيس “التقدمي” وليد جنبلاط أكثر من مرة عن اعتراضه على الاسم المطروح، أما “حزب الله” فذكر عبر اعلامه انه لم يسلم اي اسماء، كما انه يعترض على حجم الحكومة ويريدها موسعة. فضلاً عن أن تشكيلة الحريري لا تتضمن الأحزاب.

 

– الحريري ينتظر انتهاء ولاية الرئيس الاميركي السابق دونالد ترامب: سقط ايضاً هذا التحليل، اذ كان الحريري قد قدم تشكيلته قبل 41 يوماً من انتهاء ولاية ترامب.

 

– الحريري ينتظر وصول بايدن: ها هي ولاية بايدن قد بدأت ولم يتراجع الحريري عن صيغته وتشكيلته.

 

– آخر الابداعات العونية والتي اتفق معها “حزب الله” كانت أن الحريري ينتظر “رضى” السعودية لتشكيل الحكومة، فجاء الجواب حاسماً هذه المرة في بيان المكتب الاعلامي للحريري: “لا ينتظر رضى اي طرف خارجي لتشكيل الحكومة، لا السعودية ولا غيرها بل ينتظر موافقة عون على التشكيلة”.

 

أداة تعطيل ومحرّك خلف الستارة

 

إذاً سقطت حجة جديدة، ولا تزال الحقيقة وفق المستقبليين قائمة على عمودين تعطيليين متلازميين:

 

الأول: أداة التعطيل عونية. يستخدم فيها توقيع رئاسة الجمهورية، لعدم تشكيل أي حكومة إلا إذا كانت ترضي باسيل إما بـ”ثلث معطل”، أو بمقايضة على العقوبات، أو بالتزام بايصاله إلى رئاسة الجمهورية.

 

الثاني: استفادة ايران و”حزب الله”. ففي خطابه الأخير قال الحريري لباسيل: “لشو بدو التلت المعطل؟ من شو خايف؟ فخامة الرئيس موجود، ومجلس النواب موجود، خليه يخبرنا: من شو خايف؟ إلا اذا خلف الستارة، فيه مين عم يحرك ويشجع، يحكينا بوضوح، ويقلنا!”. بات واضحاً أن “الحزب” يتلطى خلف العونيين لعدم تشكيل الحكومة، لما في ذلك من افادة لايران لابقاء هذه الورقة بيدها جاهزة عند أي اتفاق حول بنية المفاوضات مع الأميركيين، إذ تحرص ايران على الاحتفاظ بأوراقها قبل اي مفاوضات وعدم تقديم أي ورقة قبل الانطلاق بالمسار التفاوضي.

 

بيان الحريري من 456 كلمة، كان يستحق أن يكون خطاباً بلسان الحريري، لما فيه من رسائل واضحة تجاه العونيين و”حزب الله”، ولا شك أنها ليست المرة الأولى التي يردّ فيها الحريري على العونيين، لكن لا بد من الوقوف عند التصعيد بوجه “حزب الله” الذي تكرر ذكره ثلاث مرات في البيان المقتضب.

 

أما عن الصيغة التي برزت في البيان، فإن أوساط الحريري تؤكد ان ليس هناك من صيغة جديدة دخلت “بيت الوسط”، والأفضل عدم ادخالها، والحريري متمسك بصيغته التي تنسجم مع متطلبات اللبنانيين، ومتطلبات تسويقها في المجتمع الدولي.

 

طروحات الحريري

 

أما في شأن طروحات المعالجة، فذكّر الحريري بطرحين أساسيين، ذكرهما في خطابه الاخير الذي كشف فيه عن ورقة عون.

 

– في عقدة العدد: اختار الحريري 4 وزراء مسيحيين من اسماء طرحها عون ويشهد لهم بالكفاءة، أما الوزيرة الخامسة فاختارها الحريري وهي سيدة مشهود لها بالكفاءة بين اللبنانيين، وليست استفزازية للعونيين بل معروفة بقربها من بيئة بعبدا، وكان أوصى بها عون لتعيينها في احد المراكز بسبب كفاءاتها وعاد ورفضها في الحكومة لأن باسيل غير راض عنها. ويشار إلى ان الحريري عندما تواصل مع هذه السيدة قالت له: “لن اوافق على التوزير الا اذا وافق فخامة الرئيس”.

 

– أن يطرح الحريري مجموعة اسماء لوزارة الداخلية مشهود لها بالكفاءة وان يختار عون من بينها من يراه مناسباً.

 

– كما طرح الحريري على عون امكانية تغيير الحقائب في حال سجّل أي اعتراض على وزير غير كفوء، لكن منذ أن قدم الحريري تشكيلته لم يكشف عون عن اي اسم من التشكيلة لا يحمل صفة الكفاءة.

 

“إجر برّا وإجر جوّا”

 

ما تم تسريبه عن موافقة عون على 5 وزراء ووزير الطاشناق ووزارة “الداخلية”، لن يلقى آذاناً صاغية، خصوصاً ان باسيل، يحاول أن يلعب على وتر “إجر داخل الحكومة وإجر خارجها”، وفق السياسة المتناقضة نفسها “أوالي وأعارض في الوقت نفسه”، وبالتالي حجب الثقة يعني أن باسيل في المعارضة، والدستور لا يعطي اي حصة وزارية لرئاسة الجمهورية بشهادة عون خلال ولاية الرئيس ميشال سليمان.

 

طائرة الحريري لن تطفئ محركاتها

 

أما في شأن جولات الحريري الخارجية، فبينما يعجز المسؤولون، تحديداً من هم في بعبدا، عن التواصل مع بلدية في الخارج، بدأ الحريري بعد أيام من تقديم تشكيلته الحكومية واستمرار رئاسة الجمهورية بسياسة التعطيل، جولة خارجية لمس فيها دعم الدول التي زارها لصيغته الحكومية، والهدف من زياراته حسب المستقبليين: حشد الدعم للحكومة كي تكون جاهزة لجذب الدعم الخارجي فور تشكيلها، وتأمين المساعدات للبنانيين، ولا تخلو زيارة الحريري الأخيرة إلى الامارات التي زارها 8 مرات، من التنسيق في مشروع سيطلق قريباً برعاية الرئيس الحريري والشيخ محمد بن زايد. ورغم زيارته الحالية فإن “محركات طائرة الحريري لن تتوقف لا قبل الحكومة ولا بعدها”.

 

وبالعودة إلى الحديث عن السعودية، فإن الأجواء في الرياض “مرتاحة” لخطوات الحريري، وبحسب أحد المطلعين عن قرب على العلاقة، فإن التواصل مستمر مع الحريري، والسعودية تدعم تشكيل حكومة في لبنان، ومواقفها معروفة تجاه “حزب الله” الذي يساهم بدعم الاستهدافات الارهابية التي تطال المملكة والسعوديين، وتجاه الفساد المستشري في لبنان، كما أن السفير السعودي في لبنان وليد بخاري عبّر، أكثر من مرة، عن دعم المملكة لتشكيل حكومة ترضي اللبنانيين. وبالتالي بحسب الشخصية المطلعة نفسها: “المملكة لا تتدخل في الشؤون اللبنانية وتدعم تشكيل حكومة تلبي طموح اللبنانيين”.