تحت وقع الازمات المتوالدة يغرق البلد ومن فيه، حيث تتنقل الصراعات من ملف الى آخر مكتسبة كل مرة غطاء جديدا ، آخره طائفي، مع عودة الحديث عن حقوق مسيحية ، تبنت بكركي حملة الهجوم دفاعا عما تبقى منها، لتلحقها الاحزاب والقوى المسيحية، بعدما ادت نتيجة “المسيحي القوي” الى ما ادت اليه من احباط وخسائر وخراب.
اوساط سياسية متابعة كشفت ان التيار الوطني الحر يدرس جديا الخروج من ورقة التفاهم مع حزب الله بعد فشل كل محاولات ترميم العلاقة بين الطرفين بعد كل نكسة اصابتها، الا ان الخروج الآمن يحتاج الى حاضنة مسيحية ولبنانية اوسع، وضمانات لا يحفظها سوى وحدة الموقف المسيحي، اذ ليس المطلوب اليوم استبدال حليف باخر، ولا “الشماتة” بقدر ما هو مطلوب اتفاق مسيحي على اسم وسطي، يحكى ان ثمة من يطرح ان يكون من بين لائحة تعدها بكركي وتطرحها على اجتماع مسيحي موسع، تراعي المواصفات التي وضعتها،على ان لا تضم اسماء من الصف الاول، خصوصا مع اعلان باسيل عدم رغبته في الترشح وكذلك رئيس حزب القوات اللبنانية.
واشارت الاوساط الى ان امكانية تحقيق خرق على هذا الصعيد مهمة جدا،خصوصا ان طرفي الثنائية المسيحية التي انتجت اتفاق “اوعا خيك” اقرا بخطا خطوتهما، وبان المطلوب اليوم حوار على مستوى كل الاطراف والقيادات في الطائفة دون استبعاد احد، وهي الفرصة الوحيدة المتاحة اليوم امام المسيحيين للحفاظ على ما تبقى من مقوماتهم ومن دولتهم.
وختمت الاوساط الى ان الجبهة المشتعلة بين البياضة ومعراب، هي فشة خلق وجولة ستنتهي قريبا، لان الطرفين سيدركان ان لا خيار آخر سوى الجلوس الى الطاولة مع الآخرين، مشيرة الى ان اكثر من “ساعي خير” بدا مساعيه على هذا الخط، وان بعض الجهود قد تبدا في الظهور في غضون ايام، مع وقف الحملات الاعلامية المتبادلة.
من جهتها ترى مصادر مقربة من بكركي، ان ما حصل من دعوة مجلس الوزراء الى تعميم رئيس حكومة تصريف الاعمال مرورا بانعقاد اجتماع الحكومة، وما رافق هذه المحطات انما هدفه خلق توتر وضعضعة الموقف المسيحي وحرف الانظار والانتباه عن الهدف الاساس وهو انتخاب رئيس للجمهورية في اقرب وقت ممكن، وهي خطة لا يمكن للصرح ان يساهم فيها او يساعد على تمريرها سواء عن قصد او غير قصد.
واشارت المصادر الى ان سيد بكركي “ملوع” من القيادات المسيحية، فاذا كان المطلوب كما درجت العادة اجتماعات لتعميق الخلافات وعدم الوصول الى نتيجة، فالصرح ليس في هذا الوارد بتاتا، اذ المطلوب اجتماع يخرج بنتائج عملية تضع الجميع امام مسؤولياتهم والتزاماتهم، فالصرح لن يكون ممرا لمزيد من التفسخ المسيحي، والا يكون قد خدم الساعين الى تعطيل الانتخابات واطالة عمر الشغور للانقضاض على ما تبقى من صلاحيات رئاسية.
وحول مسالة الحوار مع حارة حريك وما يحكى عن تفضيلها التوصل الى اتفاق مع بكركي حول تسوية رئاسية في ظل تعثر اتفاق الاقطاب الموارنة، من جهة، ورغبة حزب الله بعدم تخطي المسيحيين في الاستحقاق، اعتبرت المصادر ان الانطلاقة جيدة وابواب الصرح مفتوحة امام الجميع، فموقف البطريرك والاساقفة معروف فقد جددت بيانات مجلس المطارنة وكذلك وعظات الاحد مواصفات الرئيس العتيد، والتي في حال توافرها لا تعود هناك اهمية للاسم الذي يصبح تفصيلا،فالحل لا يمكن ان يكون الا بالحوار البناء لا الفرض عبر الحوار.
الأكيد أن لبنان يتخبّط اليوم في مسار يصعب التكهّن الى أين سيقوده، لكن هل يكون حبل الخلاص في إشعال فتيل خط التوتر الطائفي؟ أم أن السيناريو الذي يدور حول الخلاف وانقطاع حبل الود بين الحليفين الطبيعيين ليس إلا زوبعة في فنجان؟
لا شيء يوحي بأن اي تبدل سيطرأ على مشهد العقم الرئاسي في الجلسات ساحة النجمة القادمة، سيما في ظل الخلاف المنفجر بين التيار الوطني الحر وحزب الله والذي سيزيد المشهد تعقيدا، في حال استمرت استراتيجية التصعيد العوني المتدرج وآخر محطاته يوم الاحد، في الوعظة البطريركية الصباحية، ومساء عبر الاطلالة التلفزيونية لصهر الرابية.