تتراكم الملفات الخلافية على الساحة اللبنانية، ويستمر التيار الوطني الحر برفضه للحلول الوسط، على شاكلة ما تم اقتراحه لتسيير مراسيم الحكومة وتسهيل انعقادها عندما تستدعي الحاجة، فرئيس التيار جبران باسيل يعلم أن التنازل سيدفع نحو تنازلات أخرى، وما الملف الرئاسي سوى الهدف الرئيسي الذي لن يتسامح مع التنازل فيه، خاصة اذا ما كان المرشح الأساسي للوصول الى قصر بعبدا هو سليمان فرنجية.
كان باسيل منذ البداية رافضاً لوصول فرنجية الى بعبدا بغض النظر عن موقف حزب الله لأن الرجل حليف أساسي لرئيس المجلس النيابي نبيه بري، والعونيون باتوا يعرفون من هو رئيس المجلس بالحياة السياسية وما هو قادر على فعله، وبالتالي يعتبرون أن تواجد بري وفرنجية في السلطة سيعني خروجهم منها.
هذا الموقف المتشدد تجاه فرنجية أصبح أقسى بعد إعلان رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي تأييده لوصول فرنجية الى بعبدا، مع محاولاته المتكررة شرقاً وغرباً لحجز مكان له في الحكومة المقبلة، وبالتالي بات باسيل ينظر الى وصول فرنجية ككارثة على تياره، كون الرؤساء الثلاثة قد يكونون فرنجية – بري – ميقاتي. لذلك قرر باسيل التصعيد من الباب الحكومي، فنسف الإيجابيات التي كانت قد بدأت بالظهور، واظهر تشدداً اكبر.
سيستمر باسيل بالتصعيد، حتى لو تطلب ذلك العودة الى ما كان اقترحه رئيس المجلس عام 2016 حول السلة المتكاملة، فآنذاك رفض بري السير بميشال عون دون الاتفاق على سلة متكاملة للحكم، وقف باسيل بوجهها، ليعود ويطالب بها اليوم لأجل سير العهد والحكومة والإصلاحات، ومن المعروف أنه كلما «كبُر الحجر» صعُبت مهمة حمله، بحسب ما تقول مصادر قيادية في فريق 8 آذار.
لا يُريد باسيل الاتفاق على سلة، فهي لا يمكن أن تتحقق سوى بالحوار الذي رفضه مؤخراً بحجة أن صلاحية رئيس الجمهورية الدعوة الى الحوار، وهو أراد بذلك إقفال كل الأبواب الداخلية، والبحث عن تسوية ترضيه خارجاً، خاصة أن لم يعد مؤمناً بوجود طرف داخلي قادر على تحقيق طموحاته ورغباته، حتى حزب الله، الذي ينظر إليه التيار كخصم بكل ما يتعلق بالملفات الداخلية، ويعتبر أن الحزب اختار حليفه بري في كل المناسبات التي كانت تتطلب منه موقفاً حاسماً، لذلك تؤكد المصادر أن كلام باسيل عن السلة موجه للخارج.
بعض الأطراف الدولية توافق رئيس التيار الوطني الحر حول الحل المتكامل، أي أن تقوم التسوية على إسم الرئيس، رئيس الحكومة وتقسيماتها، وحصة كل طرف بالمعادلة الجديدة، وتُعارض جهات أخرى هذا الأمر مثل فرنسا التي ترغب بانتخاب رئيس اولاً، ومن ثم البحث بالنقاط المتبقية أي القيام بالاستحقاقات خطوة بخطوة لأنها تعلم أن جمع الخطوات يصعّب المهمة.
من هنا ترى المصادر أن الأمور مقفلة داخلياً، خاصة أن التيار بات مقتنعاً بأن حزب الله لن يذهب الى خيارات رئاسية لا يوافق عليها، لكن العارفين بطريقة عمل الحزب يُدركون أن مسارات المنطقة تعنيه بشكل مباشر وبحال حان وقت تسويات معينة فلن يضيّع الفرص.