Site icon IMLebanon

باسيل «يستفزّ» القوات في بشري: الأُحادية داعشية

تسلّم الوزير جبران باسيل مفتاح بلدة طورزا، ومضى صوب مدينة بشرّي ليفتتح فيها أول مكتب لمنسقية التيار الوطني الحرّ منذ الـ2007. الخطوة في توقيتها «الاستفزازي»، وقبل أشهر من الانتخابات البلدية، هي سهمٌ هدفه إقلاق راحة القوات اللبنانية في عُقر دارها

اعتادت العيون في مدينة بشرّي، لسنواتٍ طويلة، صورَ النائبة ستريدا طوق وزوجها، رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع. أسوارٌ رفعتها «القوات»، مُعلنةً أنّ القرار في بشرّي، إنمائياً وسياسياً واجتماعياً، لها. في ظلّ تراجع شعبية الزعامات التقليدية، وعدم نجاح الأحزاب الأخرى في تشكيل بديلٍ لأبناء بشرّي. وإذا فكّرت مجموعة ما في «الانتفاض» على الواقع المفروض عليها، كـ«بشرّي موطن قلبي» خلال الانتخابات البلدية، تنطلق حملات التخوين واستحضار «نضالات» جعجع وسجنه، ودماء المقاتلين، من أجل شدّ عصب البشراويين. يوم الأحد الماضي، وصل رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل، إلى «بلاد الأرز»، ليُطلق صفّارة البداية «كي تُعبّر بشرّي عن تنوعها، لأنّ الأحادية لا مكان لها في لبنان. الفكر الأحادي داعشي».

يعود التيار العوني إلى بشرّي، ليعيد افتتاح مكتب منسقيّة القضاء، بعد أن «هُجّر» منه في عام 2007. المكتب القديم كان في برحليون، ولكن اليوم انتقل إلى مدينة بشرّي، في رسالة تحمل أبعاداً كثيرة. أولاً، لأنها عاصمة القضاء والمركز الأساسي لممارسة العمل السياسي. ثانياً، هي مسقط رأس الزوجين جعجع. وثالثاً، «فتح» مدينة بشرّي عونياً، بالخطاب التصعيدي الذي ألقاه باسيل، يعني انطلاق المواجهة المُباشرة والشاملة مع القوات اللبنانية، من عُقر دارها.

مهاجمة «القوات»، من دون تسميتها، لم تقتصر على باسيل. رئيس بلدية طورزا الياس أنطونيوس، قدّم مفتاح البلدة إلى وزير الخارجية، مُرحباً به «ضيفاً كريماً عزيزاً لطالما انتظرنا قدومه إلينا». ورئيس رابطة آل طوق (العائلة الأكبر في بشرّي) أنطوان مالك طوق، رأى في زيارة باسيل للمنطقة «التفاتة كبيرة للحرمان الذي يطاولُها». في حين أنّ المناصرين القواتيين استفزتهم الزيارة في اليوم نفسه الذي أحيت فيه القوات «ذكرى شهداء المقاومة اللبنانية». وقد عمد «مجهولون»، ليل السبت ــ الأحد، إلى حرق لافتات وصورة لباسيل رُفعت على المكتب المطلي باللون البرتقالي. وهي الرسالة السلبية الثانية التي تُوجه إلى «التيار»، بعد أن قام «مجهولون» أيضاً، بتشويه حائط المكتب عبر رشّ كتابات عليه قبل قرابة شهر.

طُرحت أسئلة كثيرة عن «سرّ» التوقيت للجولة البشراوية، والهدف منها، ولا سيّما أنّ «التيار» يوحي من خلف افتتاح المكتب بأنّه يُعدّ لتنظيم العمل الحزبي، وربّما تبني ترشيح أفراد من بشرّي إلى الانتخابات النيابية. يوضح مسؤول البلديات السابق في التيار الوطني الحر، وابن بلدة برحليون، مالك أبي نادر أنّه في الـ2007 «كان لدينا مكتب للمنسقية في برحليون، أقفلناه بسبب التهديدات التي كنّا نتلقاها وعدم قدرتنا على توفير الحماية له». في العام نفسه، أُحرق مطعم في حدث الجبّة كان من المفترض أن يُنظم «التيار» عشاءه السنوي فيه. انتظر التيار العوني «حتّى بات الظرف مواتياً. أتت الخطوة مدروسة بعد أن تغيّرت الأوضاع، وبات هناك نوعٌ من التفاهم مع القوات، ولم تعد القوى الأمنية معادية لنا». أما إحراق صورة باسيل والكتابات على حائط المكتب، «فلم نعتبرها سوى ولدنات فردية». يؤكد أبي نادر أنّه «لم يكن مقصوداً تزامن الزيارة مع نشاط القوات. منذ فترة ونحن نتحين الفرصة. اختيار التوقيت أتى بالتنسيق بين سفر باسيل الأسبوع المقبل، وعيد مار دانيال في حدث الجبّة وقدوم الكاردينال بشارة الراعي».

يقول عددٌ من المطلعين على الواقع السياسي في بشري، إنّ شعبية التيار العوني، خجولة مُقارنة بباقي القوى المناوئة لـ«القوات». لأبي نادر رأيٌ آخر، «فنحن نُمثل 22% من أبناء القضاء». ومن أصل 11 بلدة، «لدينا هيئات محلية في طورزا وعبدين وبرحليون وحصرون وبرقاشا وبان». مع اعترافه بواقعية بأنّ «الرقم ثابت منذ الـ2005، من دون أن يرتفع، لأنه لم يكن بالإمكان تسويق خطاب سياسي مُعين». يُعوّل حالياً على تبدّل الأوضاع، ودخول «التيار» إلى السلطة، بغية تحقيق خرقٍ ما.

يصف أبي نادر الجولة، التي غاب عنها تمثيل قواتي رفيع المستوى «ربما بسبب القداس في معراب»، بالجيدة. أما بالنسبة إلى سقف باسيل المُرتفع سياسياً، فيرى أبي نادر أنّه «بيننا وبين القوات خلاف سياسي حول مسائل عدّة. ونحن فرحون بأنّ الخلاف بات محصوراً بالسياسة». كلام باسيل كان «رسالة إلى الناشطين العونيين ليشدّ عصبهم ويُطمئنهم إلى أنّنا بتنا قادرين على المواجهة. خطاب كسر الأحادية، موجود في كلّ المناطق وليس حصراً ضدّ القوات».

من جهتها، تُحاول مصادر معراب الرسمية «تسخيف» زيارة باسيل لبشرّي عبر نفي اعتبارها استفزازية، «هل اعتبرنا مرّة واحدة أنّ بشرّي مُقاطعة قواتية؟ صحيح أنّ الخيار الغالب فيها هو قواتي، لأسباب تتعلّق بالسيادة والنضال والخدمات، ولكن هناك خيارات أخرى». وجود باسيل في القضاء «أمرٌ مُرحَّب به». سعة قلب القوات مردّها «أننا عانينا سابقاً من سياسة إقفال المناطق، في حين أننا نعتقد عدم وجود حصرية لأحد بأي مكان. فحق كلّ واحد أن يُمارس السياسة والانتخابات في أي منطقة». ولكن كلام باسيل كان واضحاً لجهة الهجوم على استئثار «القوات» بقرار بشرّي السياسي، ودعوته «الانتفاض» على هذا الواقع. تردّ مصادر معراب بأنّه يجب أن «يوجه باسيل كلامه إلى حليفه حزب الله. إذ إن التعددية موجودة داخل البيئة المسيحية، ونحن لم نقم بالمصالحة حتّى نذهب إلى الأحادية».