IMLebanon

اداء باسيل استنهض «الرباي الاسلامي» وخصومه المسيحيين

ليس اسوأ من ذكرى الحرب الاهلية المشؤومة التي صادفت امس، الا استحضار مشاهدها بوجوه جديدة وبأشكال متعددة والتي تجلت بأبشع صورها. وما اعتقدنا اننا نسيناه وتجاوزناه جاء احدهم او بعضهم ليذكرنا بما جرى خلال اربعة عقود خلت وليؤكد انه ما زال راسخاً في العقول والنفوس. «فراحت السكرة واجت الفكرة» وانتبهنا بعدما «عز اللقاء»، هكذا تقرأ احدى مرجعيات 8 آذار السياسية البارزة ما حدث في اليومين الماضيين. وتصف ما حصل انه استخدام للدستور للمرة الاولى لــ«فض الاشتباك» السياسي على قاعدة لا غالب ولا مغلوب، وليكون الدستور «استراحة للمحاربين» للعودة الى طاولة الحوار والمؤسسات بدل المنابر والتحريض والتلويح بالشارع.  ففي الاعوام الماضية لم يوفر الافرقاء الدستور كل من وجهة نظره و«اجتهاده» لتزخيم «قضيته» وللانقضاض على الخصوم. امس الاول استعمل رئيس الجمهورية العماد ميشال عون صلاحيته الدستورية وعطل عمل مجلس النواب لشهر واحد ولمرة واحدة في العقد العادي وتجاوب رئيس المجلس النيابي نبيه بري. فأجلّ «مفاعيل» التمديد الثالث لمجلس النواب لشهر ايضا في انتظار ان يتبلور «الاتفاق الاولي» الذي شهدته المقار الاساسية خلال الـ72 ساعة الماضية. وتشير المرجعية التي كانت في صلب المفاوضات الشاقة والتي ادت الى سحب فتيل التوتر بين الرئاستين الاولى والثانية، الى دور اساسي قام به كل من رئيس الحكومة سعد الحريري والنائب وليد جنبلاط والسيد حسن نصرالله. ونجحوا جميعاً في اعادة الروح الى اقتراح الرئيس بري التأهيلي الذي كان طرحه منذ شهرين و«التف» عليه وزير الخارجية جبران باسيل بطرحه الاخير الذي يُغلّب «روحية الاقتراح الارثوذوكسي» بما يخدم هدفين اساسين له: الاول ان يفوز بمقعد نيابي في البترون وهو ما عجز عنه في 2009 و2005 والثاني ان «يُجهز» على خصومه المسيحيين بالضربة القاضية.

وتلفت المرجعية الى ان حصيلة النقاشات واللقاءات التي شملت بعبدا والخارجية والسراي وعين التينة وحارة حريك وكليمنصو، انعشت اقتراح بري التأهيلي على اساس طائفي في القضاء وعلى اساس النسبية الكاملة على مستوى الدوائر الموسعة، على ان ينتقل من المرحلة الاولى وفق التصويت الطائفي «الصافي»، (اي تنتخب كل طائفة مرشحيها)، المرشحان الاول والثاني اللذان ينالان اعلى نسبة من الاصوات، وفي المرحلة الثانية يتم التصويت على اساس وطني وفق دوائر موسعة يتراوح النقاش بين 6 و10 دوائر. وترى المرجعية ان هذا الاقتراح شكل نقطة تلاق بين الطروحات «الباسيلية» والطرح النسبي الكامل، او ما يمكن وصفه بـ«نصف تسوية» غلّبت في النهاية معيار النسبية الكاملة وحققت هدف «الثنائي الشيعي» في تحقيق التمثيل العادل على المستوى الوطني اولاً ومنع تهميش حلفائه وخصومه في آن معاً.

وتلفت المرجعية الى ان الاقتراح الانتخابي المذكور سيسلك طريق الحكومة قبل ان يُحال منها بعد التوافق عليه واقراره، الى مجلس النواب بعد 15 ايار ليقر ويتم التأجيل التقني على اساسه حتى تشرين الاول المقبل على اقصى تقدير.

في النتائج السياسية المباشرة لما جرى في الايام الماضية، تقول المرجعية وبكل صراحة ان اداء الوزير باسيل «الاستفزازي» واستحضاره ادبيات وخطاب «اليمين المسيحي» خلال الحرب الاهلية، استفز الشارع الاسلامي واستنفر القيادات الاسلامية السنية والدرزية والشيعية واعطى زخماً للرئيس الحريري والنائب جنبلاط بعد «كبوة طويلة» واستنهض خصوم «الثنائي الماروني» القوات والتيار الوطني الحر وجعلهم يتكتلون في «بوتقة واحدة» لمواجهة «حرب الالغاء» الانتخابية التي يشنها الثنائي باسيل-سمير جعجع. فصار النواب سليمان فرنجية وبطرس حرب ونقولا فتوش ودوري شمعون ونواب 14 آذار المسيحيين المستقلون مع الحريري وجنبلاط، اقرب الى بري وحزب الله، وباتوا يرون في طروحات الثنائي الشيعي الانتخابية وطنية وجامعة وتمنع الاقصاء والتهميش. في المقابل لم «يسلم» العهد الذي يمثله الرئيس عون من «شبهة» استفزاز الشارع الاسلامي وإعادة «شد العصب الاسلامي» برباعية افترقت منذ العام 2005 وبعد استشهاد الرئيس رفيق الحريري واعاد «لم شمل» خصوم المعسكرات الثلاث الكبرى «السعودي والايراني والسوري» ووحدّهم تحت راية حماية «الحقوق الاسلامية» الطبيعية التي يكفلها دستور الطائف، والذي لم ينص على ديموقراطية عددية بشل على ديمقراطية طوائف توافقية، فالمناصفة محققة ولو كان عدد المسيحيين الان يشكل 36 في المئة من عدد اللبنانيين والمسلمون يشكلون 64 في المئة. فأين الغى حزب الله وبري والحريري وجنبلاط المسيحيين؟ واين قضموا المناصفة؟ ومن منع عون مثلاً من الفصل في كل المراكز المارونية التي تم اشغالها خلال 200 يوم من عهده؟

وتضيف المرجعية ان التحالف الثنائي بين التيار البرتقالي مع حزب الله وورقة التفاهم تعرض لهزة «عنيفة جداً» واصاب حزب الله بالاحباط والاستغراب وسيجعله في المرحلة المقبلة شديد الحذر في التعاطي مع «مسلكية» عون وباسيل السياسية، حيث اكتشف حزب الله ان باسيل هو عقل عون وضميره و«لا وعيه» وقلبه ويده التي «يضرب» بها، وعندما تكون مصلحة باسيل الفئوية والضيقة في اولوية اهتمامات عون وباسيل نفسه، يغيب الحرص على التفاهم مع الحزب. فأين رد الجميل في خوض معركة «ترئيس عون»؟ هل هو بالتمنين الاعلامي وعبر المنابر اننا والكلام لباسيل «اعطيناكم في حرب تموز» فماذا اعطيتمونا؟ الجواب تراه المرجعية عند عون وتحيل باسيل اليه لينعش ذاكرته عله يتذكر. تختم المرجعية.