Site icon IMLebanon

جبران باسيل: هذا ما اتفقنا عليه مع الحريري

■ التفاهم مع جنبلاط ضرورة للجبل ولبنان ولوحدة وطنية حقيقية

■ هناك ما يكفي من الثقة بيننا وبين حزب الله لعدم هزّ تفاهمنا

أكد رئيس التيار الوطني الحر وزير الخارجية جبران باسيل «أننا معنيون بمعادلة أن الأقوياء هم من يجب أن يتمثّلوا في الحكم بفعل قوتهم التمثيلية، كما أننا معنيون بأن يكون سعد الحريري هو القوي» في طائفته. وقال في حديث الى «الأخبار»: «كنا ولا نزال نرغب في أن يكون الرئيس نبيه بري من ضمن التفاهم الرئاسي لأن هذا موقعه الطبيعي». ولفت الى أن التفاهم مع النائب وليد جنبلاط «يشكّل ضرورة للجبل ولبنان ولتحقيق وحدة وطنية حقيقية»، مشدداً على أن «هناك ما يكفي من الثقة بيننا وبين حزب الله لعدم هزّ تفاهمنا»، وأن «موقفنا من سلاح المقاومة واضح وهو من ضمن بنود وثيقة التفاهم». وفي ما يأتي نص الحديث

بعد إعلان الرئيس سعد الحريري ترشيح العماد ميشال عون للرئاسة. الى أين من هنا؟

■ نحن ماضون في طريق استكمال التفاهمات الوطنية التي بدأناها عام 2006 بمذكرة التفاهم مع حزب الله التي جنّبت لبنان آنذاك الانقسام الكبير، مروراً بالتفاهم مع القوات اللبنانية الذي حقّق الحد الأدنى من التماسك المسيحي الضروري للتماسك الوطني.

اليوم، وصلنا الى الغاية التي ننشدها منذ 2005 بتحقيق تفاهم مع تيار المستقبل على الشراكة. الشراكة بمعناها الوطني الواسع، وبمعناها في الحكم، أي رئيسا جمهورية وحكومة يتشاركان في السلطة التنفيذية، فيما السلطة التشريعية، بطبيعة الحال، لها دورها الكبير.

ما تحقق مع تيار المستقبل أساسي جداً ليس فقط لمقتضيات الشراكة، وإنما أيضاً لأن مثل هذا التفاهم بات أكثر إلحاحاً في ظل موجة التكفير السائدة في المنطقة. ونحن نرى أن للرئيس سعد الحريري دوراً أساسياً في إعادة إبراز الصورة المعتدلة والمنفتحة للإسلام، وهو الدور الذي لعبه سنّة لبنان دائماً، وبما يناقض الصورة الهمجية التي تقدمها التنظيمات الارهابية. وواجبنا أن نساعده في ذلك لأن نجاحه ضروري للبنان ولكل العالم. المسيحية مرت بمراحل مماثلة من الهمجية قبل أن يأتي من المسيحيين من نقلها وطوّرها. هكذا نرى الدور الذي يمكن أن يلعبه الرئيس الحريري.

هذا التوجه، بالتأكيد، لا يتناقض مع تفاهمنا مع حزب الله من أجل ترسيخ طمأنينة داخلية بأن سلاح المقاومة تجاه اسرائيل أعطى قوة للبنان. وأنا، هنا، شاهد على ذلك خصوصاً في موضوع النفط الذي ما كنا لنفكّر فيه لولا وجود هذه القوة. وللأسف، دفعنا في سبيل ذلك كثيراً بسبب الإفتراءات والتشويهات وتصوير تفاهمنا على أنه ثنائية مسيحية ــــ شيعية ضد السنة، تماماً كما يحصل اليوم من محاولات تشويه وتصوير تفاهمنا مع المستقبل بأنه ضد الشيعة. ولكن، نشكر الله أن هناك ما يكفي من الثقة والرصيد في هذه الجهة بما لا يمكّن أحداً من هزّهما.

إذاً، أكملتم دورة التفاهمات؟

■ نحن نسعى الى استكمالها مع المكوّنات الأساسية الكبيرة، وفي مقدمها الطائفة الدرزية لما لها من خصوصية تاريخية وطنية في تأسيس الكيان، وبالذات في جبل لبنان، قلب هذا الكيان. لا يمكن، للحظة، تخيّل أن لا تضم تفاهماتنا الطائفة الدرزية، ليس بالمعنى الاستلحاقي وإنما بالمعنى التأسيسي والتكويني والتشاركي، لأن هذه طبيعة وجودهم. بالتأكيد، حليفنا الدائم المير طلال ارسلان جزء أساسي من المشهد الدرزي، وكذلك الوزير وئام وهاب. لكن في الوقت نفسه، التفاهم مع النائب وليد جنبلاط يشكّل ضرورة للجبل وللبنان، ولتحقيق وحدة وطنية حقيقية لا تستثني أحداً.

واذا ما اختار النائب جنبلاط ألا يمشي بالعماد عون؟

■ لا يضعه ذلك خارج الوطن، لكنه يكون قد اختار أن يبقى خارج هذا التفاهم الرئاسي.

كل هذه التفاهمات ثنائية بينكم وبين كل طرف على حدة، ولم تنجحوا في تحويلها الى تفاهم وطني جامع.

■ نحن، كتيار وطني حر، طبيعة دورنا كحزب أن نسعى الى تفاهمات ثنائية مع بقية الأطراف والأحزاب. ولكن عندما يتحوّل عماد التيار الى رئيس للجمهورية، عندها يكون واجبه أن يكمل المشوار لجمع هذه الثنائيات ضمن الوفاق الوطني. هذا دور يلعبه الرئيس.

على ماذا تفاهمتم مع الحريري؟

■ أهم ما تفاهمنا عليه هو أننا نريد أن نبني دولة. هذا كان مطلبنا وإذا كان مشتركاً فليكن. برأينا، بناء الدولة لا يكون من دون حرية وسيادة واستقلال، والتعبير عن ذلك أن انتخاب الرئيس يحصل بقرار لبناني. صحيح أن الرئيس الحريري تحدث عن مخاض طويل قبل الوصول الى قراره. ولكن، بالنسبة إلينا، الأمر طبيعي لأن العماد عون مفروض، ليس بقرار خارجي، وإنما بقوة أكثرية يمثلها، وهذه القاعدة التي نريد أن نكرسها. أول مقومات بناء الدولة استقلالية قرارها، وهذا نعبر عنه اليوم برئيس مختار من الشعب وميثاقي بمعنى الالتفاف الذي حصل حوله. بناء الدولة، أيضاً، يكون بأن لا تعايش فيها مع الفساد. إذا أردنا الابتعاد عن الاتهامات بالكيدية وبفتح الملفات، على الأقل فلنتطلّع إلى مستقبل من دون فساد. بناء الدولة يكون بامتلاكها هوية واضحة وبأنه لا يمكنها أن تعيش مع الارهاب، وهذه أولوية مطلقة. كما يكون بالاتفاق على نظرة اقتصادية تحقق إزدهاراً وقوة للبلد. كل هذه الأسس كان من الضروري أن نتفاهم حولها، وكلها تُختصر تحت عنوان بناء الدولة. وفي هذا، لا الرئيس الحريري خاسر ولا فريقه ولا البلد، والكل سيكون رابحاً.

الرئيس الحريري قال إنكم اتفقتم على عدم المساس بالنظام. اذا كنتم قادمين إلى الحكم على الاسس نفسها التي جاءت وفقها العهود السابقة، فماذا يتبقى من الاصلاح والتغيير؟

■ أولاً، لم نقل يوماً اننا نريد أن ننقلب على الدستور. الدولة قائمة على ثلاثة أقانيم أساسية: ميثاق ثابت، ودستور يمكن تطويره بتوافق اللبنانيين ومكوّناتهم، وقوانين متغيرة بحسب المتطلبات. تطبيق الدستور والقوانين يعني الخروج من الوضع الحالي لأن اتفاق الطائف لم يُطبق أصلا، والميثاق تعرّض للخلل بسبب عدم احترامه. ما نسعى إليه هو تطبيق الدستور فعلياً، بالشراكة، حتى يمكننا الوصول الى مشهد سليم يمكّننا من أن نستشفّ سبل تطويره، ودائماً بتوافق اللبنانيين، لأن الفكرة الأساسية هي ألا يستخدم أحد اي ظرف داخلي أو خارجي لقهر طائفة أو كسرها أو هزيمتها.

نفيتم أن تكون هناك ورقة موقعة بينك وبين نادر الحريري. وفي الوقت نفسه تتحدثون عن تفاهم. ما هي عناصر هذا التفاهم؟

■ تفاهمنا طال كل شيء، ولكنه بقي في إطاره العام من دون أن يأخذ أي طابع، لا مكتوب ولا تفصيلي بتنفيذيته. على سبيل المثال، تحدثنا عن حكومة وحدة وطنية نرغب نحن والمستقبل ان تشمل الجميع. هذه رغبتنا، ولكن هل يمكن أن نجبر أحداً عليها اذا تبيّن في المشاورات أن أحداً لا يرغب في أن يكون جزءاً من حكومة كهذه؟ وهذا ينطبق على كثير من الأمور الأخرى.

هل تفاهمتم على سلاح المقاومة؟

■ تحدثنا في كل الأمور. هناك مواضيع ليست بحاجة للنقاش فيها لأن المواقف منها معروفة. موقفنا من سلاح المقاومة واضح. أولاً هو من ضمن بنود وثيقة تفاهمنا مع حزب الله، وثانياً هذا أمر تطرقت إليه كل البيانات الوزارية في الحكومات السابقة، ما يعني أن هناك اتفاقاً لبنانياً حوله. وثالثاً، وعلى المدى الأبعد، هو من ضمن استراتيجية دفاعية يتفق عليها اللبنانيون في حوار وطني.

تردد أنكم اتفقتم على اسم قائد اللواء التاسع العميد جوزيف عون قائداً للجيش؟

■ لم تطرح أي أسماء، واساساً لم نقبل الدخول في أسماء. هذه تخويفات تستخدم لغايات تنتهي في وقتها. هل يمكن أن يُعيّن قائد جيش من دون رئيسي الجمهورية والحكومة؟ أو من دون أن يكون مريحاً للمقاومة أو للخارج الذي يقدم مساعدات للجيش كمؤسسة حامية للاستقرار وتحارب الارهاب؟

ماذا عن السياسة المالية؟ كانت لكم مآخذ كثيرة على السياسات الحريرية السابقة.

■ اتفقنا عموماً على أن لبنان بلد اقتصاده حرّ وفيه متسع للمبادرات الفردية ومجال كبير لتحرك القطاع الخاص، من دون ان يعني ذلك اننا قررنا خصخصة الدولة أو تأميمها. وتفاهمنا على أن السياسة المالية تحتاج الى تصحيح لتكون خاضعة للدستور والقوانين وليس للاستنسابية.

والنفط؟

■ كل ما سمّوه «صفقة» هو مجرد تفاهم على أن لهذا الملف أولوية يجب أن يُعمل عليها. ونقطة على السطر.

وهل سيكون الحريري رئيس كل حكومات العهد الجديد؟

■ نحن معنيون بمعادلة أن الأقوياء هم من يجب أن يتمثّلوا في الحكم بفعل قوتهم التمثيلية، كما أننا معنيون بأن يكون سعد الحريري، بما يمثل من صورة للاسلام المعتدل، هو القوي. هذا ما نحن معنيون به، ولكن على الرئيس الحريري ان يترجمه، كما أن علينا نحن أن نترجمه أيضاً.

هل وعدتم، أنتم والمستقبل، القوات اللبنانية بوزارات معيّنة في الحكومة المقبلة؟

■ لم يحدث شيء من هذا أبداً، ولم ندخل في أسماء ولا في توزيع وزارات. ولكن على الجميع أن يعتادوا أن هناك اليوم، في البلد، وضعاً مسيحياً مختلفاً عما كان عليه سابقاً. وهو وضع مطمئن للمسيحيين ولكل اللبنانيين: للمسيحيين عبر ضمان شراكتهم في السلطة، ولكل اللبنانيين بأن هذا الأمر ليس على حساب أحد من بقية الطوائف. لا عودة مسيحياً الى مرحلة 1990 ـــ 2005، ولا عودة الى ما قبل 1975… وبالتأكيد لا عودة الى مرحلة 1975 ــــ 1990.

هل تتوقعون انتخاب العماد عون بالثلثين من الدورة الأولى؟

■ حتى اليوم، نحن نعمل بالجملة وليس بالمفرق، ونشتغل على تفاهمات كبيرة وطنية، ونتمنى ان نبقى على هذا الاوتوستراد وألا ندخل في زواريب الاصوات المتفرقة. أما إذا لزم ذلك للمعركة الانتخابية فليكن.

هل تتوقعون صعوبات أمام تأليف حكومة العهد الاولى؟

■ فلننته من جلسة انتخاب الرئيس أولاً. ولكن، بالتأكيد، يجب ألّا تكون هناك تعسرات حكومية أمام انطلاقة العهد.

أي وزارة ستتسلّم في الحكومة الجديدة؟

■ 24 وزارة… بحسب مواقع التواصل الاجتماعي!

لا نرى الرئيس بري إلا فرحاً بالانجاز ونحبّ أن يكون من صانعيه

من الواضح أن لقاء العماد عون بالرئيس بري لم ينجح في كسر الجليد. ما الذي تنوون فعله في هذا الصدد؟

■ منذ البداية لم نتعاطَ مع الرئيس بري بأقل من موقعه وأهميته الدستورية والوطنية. وكنا نعتبر طوال الوقت، بالاتفاق معه، انه في موقع المؤيد لنا. في النهاية، هو فضّل أن يكون له خيار آخر لم نكن نتوقّعه. هذا قراره الذي نحترمه، وإن كنا ولا نزال نرغب في أن يكون من ضمن هذا التفاهم وهذه الشراكة لأن هذا موقعه الطبيعي. كثيرون، من باب التسخيف، يحاولون تصوير الأمور بيننا وكأنها شخصية. الموضوع لا علاقة له بالكيمياء. بالطبع نختلف معه في قضايا يومية كثيرة، ولكن على المستوى الوطني والاستراتيجي لا نراه خارج هذا التفاهم. وعلينا جميعاً أن نقبل بقواعد الديموقراطية والميثاقية. الميثاقية تقتضي ان التوازن الوطني يقوم على أن كل من يشكل الاكثرية داخل مكوّنه يتبوأ مركز السلطة ويكون عليه اجماع وطني. هذا ما تمتع به سابقاً منصبا رئاستي المجلس النيابي والحكومة وحُرمت منه رئاسة الجمهورية. في رأينا، اليوم تتحقق الميثاقية التمثيلية والعدالة الوطنية، ولا نستطيع إلا أن نرى الرئيس بري فرحاً بهذا الانجاز، وإن كنا نحبّ أن يكون هو من صانعيه.