بعدما بات «اتفاق معراب» أثراً بعد عين، يتعامل «التيار الوطني الحر» مع ملف التعيينات لملء شواغر الفئة الاولى (نحو 45 مركزاً) وفق معادلة ميزان القوى، والحق المكتسب بالتعيين وبأخذ اكبر مقدار ممكن من هذه المواقع، من دون الالتفات الى احتجاج الأطراف المسيحية الأُخرى في الحكومة وعلى رأسها «القوات اللبنانية».
تتحدث أوساط «التيار» عن تفاهم شبه مكتمل سيؤدي الى ولادة سلة التعيينات، وتكشف أنّ هذه التعيينات تم التوافق عليها بمعظمها، من دون البحث في الأسماء، باستثناء بعض التعيينات الأمنية والقضائية، وتترك للمعترضين وأبرزهم «القوات اللبنانية» أن يعترضوا بالأساليب الديموقراطية، وهذا حقهم، لكن ليس من حقهم ان يعطّلوا التعيينات.
تذكر اوساط «القوات اللبنانية» بأنّها قامت بكل ما يلزم وصاغت تحالفاتها في الانتخابات النيابية، وانها قامت بكل ما يلزم في تشكيل الحكومة لأخذ حصتها من دون اعتراض من التيار، وتذكّر بأنّ الوزير جبران باسيل في اول اجتماع لتكتل «لبنان القوي» هنّأ كتلة «القوات» بفوزها بـ 15 نائباً، ولم يتلقّ أيّ تهنئة من «القوات» على الفوز بـ 30 نائباً.
لماذا هذا التذكير اليوم؟ تشير اوساط «التيار» الى انّ الرئيس ميشال عون ليس متحمِّساً لتكرار التجربة مع «القوات» في ملف التعيينات وفي غيره من الملفات، ففي الحكومة السابقة أطلع الوزير السابق ملحم رياشي رئيس الجمهورية على النّية بتعيين رئيس مجلس ادارة «تلفزيون لبنان»، فلم يعترض عون، لا بل إنه لم يسأل عن الإسم، وقد أعلمه رياشي أنه اختير وفقاً للآلية، لكنه في المقابل، طلب عرفاً أن يختار إسم مدير الوكالة الوطنية للإعلام، فاستمهله رياشي ليشاور الدكتور سمير جعجع ثم غاب عن السمع.
التجربة مع «القوات» لا تشجّع على التعاون، على ما تقول الاوساط،» ولا تستطيع الاتفاق معهاعلى أيّ أمر. لم يناقش أحد «القوات» في نيلها وزيرين مارونيين، وقد نال رئيس تيار «المردة» سليمان فرنجية اسماً مارونياً، ولم يبق للتيار إلّا وزير ماروني واحد وهو اكبر تكتل ماروني، ما اضطر عون الى التفاوض مع الرئيس سعد الحريري لنيل وزير ماروني، ولم نعترض. قاموا بضغط إقليمي بنيل كل ما يريدون في الحكومة ولم نعترض، واليوم عليهم الاحتكام للديموقراطية في مجلس الوزراء، وعدم اختراع معارك وهمية».
عن آلية التعيينات تقول اوساط «التيار» إن «هذه الآلية أقرت في عهد الرئيس ميشال سليمان، وليس في عهد الرئيس عون، وهي لم تطبق يوماً كما يجب وتم انتهاكها، ولا نعتبر أنها قاعدة ملء الشواغر، فهناك أولوية في ملء الشواغر بالأكفياء وبمَن يمثّلون الاكثرية وفقاً للتمثيل والاحجام، والاحتكام النهائي الى التصويت بالثلثين في مجلس الوزراء اذا ما قرّر أيُّ طرف الاعتراض لأسباب تتعلق به.
تكشف مصادر «التيار» أنّ اللقاء بين الحريري وباسيل كان ممتازاً وعُرضت خلاله كل القضايا الخلافية وتمّ التفاهم على تجاوزها، لتسيير عجلة الدولة، والتحضير لاستقبال نتائج مؤتمر سيدر. كما انّ تفاهماً كبيراً قد تم بين الرجلين لتسهيل الاتّفاق على التعيينات، بخطوطها العريضة، ما يشكل انطلاقة لعمل الإدارة.
هل يصح تفاؤل «التيار» في إمكان إمرار التعيينات والفوز بحصة الأسد في التعيينات المسيحية، وحفظ حصة خصوم النائب السابق وليد جنبلاط في التعيينات الدرزية، بعد التسليم بأن تكون الحصة السنّية من حصة الحريري، وهل إنّ أكثرية الثلثين مؤمَّنة إذا ما قرّر جنبلاط و«القوات» الذهاب في معارضة هذه السلة الى النهاية؟
للجواب على هذا السؤال يفترض متابعة موقف الثنائي الشيعي المرجّح، وتحديداً موقف الرئيس نبيه بري الذي يعارض كسر جنبلاط، من دون أن يعرف الموقف من «القوات اللبنانية» وحصتها التي يسعى باسيل الى تصفيرها إن استطاع.