فُتحت معركة البترون على مصراعيها بعد قرار حزب “القوات اللبنانية” ترشيح الإعلامي غياث يزبك كمرشح رئيسي بدلاً من النائب الحالي الدكتور فادي سعد.
عندما أعلن رئيس حزب “القوات اللبنانية” الدكتور سمير جعجع ترشيح سعد عام 2017 عن المقعد الماروني في البترون، كان قانون الإنتخاب النافذ “قانون الستين” قبل أن يتم الإتفاق لاحقاً على قانون النسبية، وكان التفاهم لا يزال موجوداً بين “القوات اللبنانية” و”التيار الوطني الحرّ”، حينها قال جعجع “إن “القوات” في البترون هي القاطرة وليست المقطورة، وقد رشّحنا سعد من الوسط لأننا نستطيع عبره التحالف صعوداً مع الجرد، أي مع النائب بطرس حرب، أو النزول نحو الساحل، أي التحالف مع النائب جبران باسيل الذي كان يريد مرشحاً لـ”القوات” من الجرد”.
خاضت “القوات” إنتخابات البترون ودائرة الشمال الثالثة متحالفةً مع حزب “الكتائب” و”اليسار الديموقراطي”، وكانت المفاجأة بالرقم الذي حققته بترونياً، إذ نال مرشحها سعد 9842 صوتاً تفضيلياً وحل الثاني بعد باسيل الذي جنّد كل مقدرات الدولة لمصلحته، وإستطاع سعد التفوق بلعبة النسب ضمن اللائحة الواحدة على زميله في الكورة النائب فادي كرم.
وقبل اقتراب موعد حسم “القوات” لمرشحيها، بات واضحاً أن لا حظوظ لعودة سعد، وطرحت أسماء عدّة، لتكون المفاجأة باختيار الحزب غياث يزبك.
لم يكن أحد ليتوقّع أن يختار جعجع يزبك، إذ إن الخيارات كانت بين عودة النائب السابق أنطوان زهرا للترشّح أو المفاضلة بين إبن كفرعبيدا نبيل شليطا أو المحامي بول حرب او الإعلامي أمجد اسكندر.
لكن حسابات جعجع و”القوات” كانت مغايرة، إذ إن الحزب لعب على التوازنات البترونية الداخلية ونسّق مع القوى السيادية من أجل المواجهة الأكبر مع محور “حزب الله” وحليفه المسيحي باسيل.
ويحمل ترشيح غياث يزبك دلالات حزبية وبترونية، فهو مناضل قواتي أيام الحرب والسلم، ويتقن لعبة الإعلام التي تعتبر أهم سلاح في المعارك، وقد جمع بترشيح يزبك بين النضال الحزبي والإلتزام وبين إختيار شخصية من أكبر عائلة في البترون، أي آل حرب، وبين قربه من الوسط والجرد حيث الثقل الإنتخابي لـ”القوات”.
وفي التفاصيل، فان يزبك من بلدة مراح الحاج في جرد البترون، وأهالي هذه البلدة من تنورين ومن آل حرب مثل بلدات بترونية عدّة مثل نحلا وديربلا وشناطا الفوقا وشناطا التحتا، وبالتالي فإن المقولة التي كانت سائدة بأن الأحزاب ستقضي على الأشخاص من العائلات قد سقطت، إذ إن يزبك يجمع بين الشخصية الإعلامية والنخبوية وبين الإلتزام الحزبي والإنتماء المناطقي.
ومن جهة ثانية، أرسلت “القوات” رسالة واضحة مفادها أن الفرصة متاحة للجميع والإنضمام إلى صفوفها يوصل إلى أعلى المراكز إنطلاقاً من خدمة القضية. فقد خاضت “القوات” ثلاث معارك في البترون، وهي إنتخابات 2005 و2009 و2018 وتستعدّ لإنتخابات 2022، وقد أعطت فرصة لثلاثة مرشحين هم زهرا وسعد ويزبك حالياً، وسقطت مع هذه الترشيحات حسابات المناطق والأعداد والأجباب، إذ إن إبن مراح الحاج التي تعتبر من أصغر البلدات المحسوبة على تنورين وفي قضاء البترون لديه فرصة الوصول إلى الندوة البرلمانية.
تنتهي الحسابات الحزبية والمناطقية وتنطلق المعركة الكبرى، إذ إن التحدي الكبير أمام يزبك هو تشكيل ماكينة إنتخابية على الأرض والقرب من القواعد الشعبية وعدم الوقوع في الأخطاء السابقة، إذ إن الإتكال ليس فقط على قوة “الحزب” بل على حراك المرشح ومخاطبة “الهوى السياسي” لأبناء المنطقة والتواجد بين أهلها.
ومن جهة ثانية، فإن خطوة توحيد القوى السيادية تسير على قدم وساق. فبعد ترشيح يزبك فإن الأنظار تتجه إلى إعلان التحالف بين المرشح مجد حرب ورئيس حركة “الإستقلال” ميشال معوض وحزب “الكتائب” حيث يتّجه الأخير إلى سحب مرشحه من البترون النائب السابق سامر سعادة لصالح مجد حرب.
وإذا نجحت هذه الخطوة، فإن منسوب التنسيق بين “القوات” والقوى السيادية سيرتفع في محاولة لإسقاط باسيل، والذي يعتبر سقوطه نكسة للعهد و”التيار” وضربة قوية لـ”حزب الله” في قلب المناطق المسيحية.