Site icon IMLebanon

“شمالنا” تُحصّن مقعد باسيل… شتّان ما بين “قِصر النظر” والهدف النبيل

 

 

 

تتضح صورة المعركة الإنتخابية في دائرة الشمال الثالثة عموماً والبترون خصوصاً من حيث شكل اللوائح والتحالفات، وأيضاً من ناحية العنوان السياسي للمعركة.

 

قد يكون عنوان إسقاط رئيس «التيار الوطني الحرّ» النائب جبران باسيل في البترون عنواناً جذاباً لكل القوى السيادية التغييرية، لكن الحقيقة أن إسقاط باسيل ليس كرهاً بشخصه بل لما يشكّله من رمز لهذا العهد «القوي» وهذه المنظومة الفاسدة.

 

مهما دارت الأحداث والأيام، فإن باسيل يبقى الحليف الأول لـ»حزب الله» وسياسته التي تحمي «الدويلة» وتضرب آخر وجود مسيحي حرّ في الشرق، وبالتالي فإن معركة إسقاطه أصبحت أكثر واقعية لأسباب عدّة أبرزها فشل العهد في كل سياساته حيث أصبحت الوعود التي قطعها بالإصلاح في خبر كان، كذلك فإن الثورة التي أصابت القوى الحاكمة ضربت باسيل في الصميم، أما السبب الأهم فهو رفض الرأي العام المسيحي تغطيته لـ»حزب الله» والسياسة التدميرية الممنهجة لمؤسسات الدولة.

 

عندما غزت جماعات «الثنائي» أحد شوارع عين الرمانة في 14 تشرين، ثم أمطرت أحياءها بالرصاص والقذائف الصاروخية على مدى ساعات، خرج باسيل بكلام يدافع عن سياسات «حزب الله» ويصف ما جرى بأنه من صنع «ثنائي الطيونة»، أي «القوات» و»أمل»، ليتفاجأ جمهور «التيار البرتقالي» قبل غيره بصوغ باسيل تحالفاً مع رئيس مجلس النواب نبيه برّي، بعدما وصف الأخير بـ»البلطجي» وشن حملة شعواء عليه أخيراً.

 

وإذا كانت العناوين السياسية تصبّ ضدّ مصلحة باسيل بعد وقوع الإنهيار الكبير، إلا أن الأرقام في البترون تثبت أن معركة إسقاط حليف «حزب الله» الأول ممكنة.

 

وبالعودة إلى آخر إنتخابات، فقد حصد باسيل 12259 صوتاً تفضيلياً مدعوماً من تيار «المستقبل»، في حين حصد مرشح «القوات» فادي سعد 9842 صوتاً والنائب بطرس حرب 6155 صوتاً والنائب سامر سعادة 2467 صوتاً والمرشحة ليال بو موسى التي دعمها الشيوعيون 952 صوتاً.

 

وأمام الإهتزاز الذي حدث لشعبية «التيار الوطني الحرّ»، فإن الإحصاءات تشير إلى أنه تراجع إلى النصف في كل المناطق، وإذا استثنينا البترون، مسقط رأسه، فإن العونيين يعترفون بأن باسيل تراجع في البترون إلى نحو 8000 صوت، فذلك يعني ان معركة إسقاطه حقيقية اذا توحّدت القوى المناهضة للسلطة.

 

وقد تشكّلت لائحة «القوات اللبنانية» بمرشحها عن البترون الإعلامي غياث يزبك، والذي يحافظ بأدائه على رقم الحزب الذي يقترب من العشرة آلاف صوت، في حين أنّ ترشيح المحامي مجد حرب وتحالفه مع «الكتائب» ورئيس حركة «الإستقلال» ميشال معوض وبعض مجموعات «المجتمع المدني» يعطي دفعاً مهماً للمعركة، إذ إن حرب ينطلق من خمسة آلاف صوت باعتراف الجميع وإذا أضيفت إليها أصوات «الكتائب» وبعض مجموعات الثورة وبعض الرأي العام السني فانه سيقترب حكماً من 7 آلاف صوت.

 

لكن ما يعرقل صفو المعركة هو أن تحالف «شمالنا» أخذ خياراً منفرداً بخوض الإنتخابات لوحده، فلو تحالف مع لائحة معوض – الكتائب – حرب- مجموعات من المجتمع المدني، وأضيفت الأصوات إليها لكان من الممكن أن يتخطى حرب باسيل، وعندها يسقط رئيس «التيار» حتى لو حصل الأخير على حاصل، وذلك على إعتبار أن يزبك سيفوز حكماً خصوصاً أن «القوات» باتت قريبة جداً من الأربعة حواصل.

 

وفي المحصلة وفي عملية حسابية بسيطة، فإذا جمعت أصوات مجد حرب التي يقدر أنها نحو الخمسة آلاف مع نحو ألفي صوت كتائبي ويضاف إليها نحو ألفي صوت من المجتمع المدني يصبح الرقم الذي سيحصده مجد حرب نحو 9 آلاف، وعندها يتفوق على باسيل خصوصاً وأن مرشح «القوات» يقترب من العشرة آلاف صوت.

 

وإذا استمر عناد «شمالنا» فإن الثورة ستُحرم من فرصة إسقاط أحد أهم رموز السلطة الفاسدة، في حين يُسأل القيمون عن تحالف «شمالنا» هل انهم يقبلون بتضييع فرصة إسقاط الرئيس نبيه بري الذي يعتبر العمود الفقري للسلطة عينها، إذا كانت مثل هكذا فرصة متاحة في دائرة الزهراني- صور؟ وماذا سيقولون إذا أهدرت إحدى المجموعات التغييرية هكذا فرصة وأصرّت على خوض المعركة منفردة وشتّتت الأصوات المعارضة وأمّنت فوز بري؟

 

وإذا كان هذا الأمر، وبحسب كل الدراسات، واقعياً في البترون، فإن تحالف «شمالنا» سيُقدّم أغلى هدية لباسيل و»حزب الله» وهي عدم السماح بتوحّد القوى السيادية والثورية، خصوصاً أن مثل هذا الأمر كان بإمكانه أن يقلب المشهد في كل لبنان، فإذا كان هدف «شمالنا» محاربة المنظومة برأسها الأمني «حزب الله»، والسياسي باسيل، فلماذا تحرم البترونيين والشماليين وكل اللبنانيين الأحرار فرصة إسقاط رمز من رموز المنظومة، خصوصاً أن التشرذم قد يسهّل فوز باسيل إلى جانب يزبك من دون أن تكون «شمالنا» قادرة على حصد مقعد في البترون لأن أرقام مرشحيها ستبقى أدنى من أرقام يزبك وباسيل وحرب.

 

وإذا كان الخلاف بين النائب السابق سامر سعادة وحزب «الكتائب» لم يُحل بعد، إلا أن الأخير ينفي بشكل قاطع كل التضليل الذي يقول بأنّه سيجيّر أصواته للمرشحين في اللائحة العونية، ويعتبرها دعاية مغرضة من أجل النيل منه ومن خطّه ونضاله التاريخي.

 

ومن جهة ثانية، وفي حين يواصل مجد حرب نشاطه على الأرض وحراكه الإنتخابي، فإن «القوات اللبنانية» تحشد العدّة لمعركة البترون أيضاً متفاديةً وقوع أي تصادم انتخابي مع مجد حرب، في حين أن الوقائع تنسف ايضاً كل الدعاية العونية التي تنتشر وتفيد بأنّ نقيب المهندسين في طرابلس والشمال بهاء حرب سيعمل لصالح لائحة باسيل، إذ إنه يؤكّد أنه يدعم مرشح «القوات» غياث يزبك، ويجهز ماكينته الإنتخابية الخاصة لمساندته وسينتقل إلى منزله في تنورين ليكون متواجداً بشكل دائم إلى جانب الأهالي ويؤمّن فوز يزبك، في حين أنه سيعمل في كل أقضية الدائرة الثالثة ومن خلال معارفه وعلاقاته لتأمين فوز مرشحي «القوات» لأن الهدف هو الحصول على الحاصل الرابع وربما الخامس.

 

إذاً، فان كل القوى تتحضّر لخوض المعركة، في حين أن المطلوب من بعض المجموعات التي تلبس عباءة الثورة إعادة النظر ببعض قراراتها خصوصاً أن هدفها قد يكون نبيلاً، لكن «قصر النظر» في أي سلوك لأبناء الثورة ومناهضي السلطة إياها يؤدّي حتماً إلى خدمة العمر لـ»حزب الله» وباسيل وسائر المنظومة.