التعزيزات الأمنية كانت التفسير الأكبر لحجم الإحتقان على الأرض
وأخيراً أتى اليوم الذي انتظرته البترون ودائرة الشمال الثالثة التي تضمّ أيضاً الكورة وبشرّي وزغرتا، هذا اليوم قرّر البترونيون وأبناء الدائرة التوجّه إلى صناديق الإقتراع حيث كان الأمل بالتغيير كبيراً جداً وتخطت نسبة الإقتراع 50 في المئة.
منذ أن طوت الإنتخابات الماضية صفحتها بدأ الحديث عن الإنتخابات المقبلة خصوصاً أن هذه الدائرة تضمّ مرشحين لرئاسة الجمهورية، لكنّ المعركة أخذت غير أبعاد بعد اندلاع إنتفاضة 17 تشرين 2019، تلك الإنتفاضة التي أصابت سهامها بشكل أساسي ورئيسي رئيس «التيار الوطني الحرّ» النائب جبران باسيل.
خسر باسيل في السياسة كثيراً، لكن خسارته الأكبر كانت بانهيار الدولة فبات غير قادر على إغداق الخدمات واجتذاب المشاريع التي فشل قسم منها في البترون وانقلب فشلها ضرراً عليه، لكن رغم كل ذلك بقي للأخير مناصرون إستعدّوا منذ الصباح الباكر للتوجّه إلى صناديق الإقتراع.
«البترون بعيوني»، هو الشعار الأساسي الذي أطلقه باسيل لتجييش أهالي المدينة والجوار، لكن هذا الشعار وإن اقتنع البعض فلم يقنع قسماً كبيراً من أبناء المدينة والقضاء.
وربما كانت التعزيزات الأمنية هي التفسير الأكبر لحجم الإحتقان على الأرض، فقد انتشر الجيش والقوى الأمنية بكثافة في المدينة وأمام مراكز الإقتراع، وإذا كان اللون البرتقالي طاغياً، إلا أنّ المعارضين تواجدوا أيضاً، هنا تيار «المردة» الذي يحاول إسترداد ما سلبه منه باسيل على اعتبار أن ساحل البترون كان مركز نفوذه، وهناك الخصم اللدود لباسيل أي ماكينة «القوات اللبنانية» التي قد تسلب منه الصدارة في القضاء، وعلى الضفة الأخرى ماكينة من قال إن معركته هي لإسقاط باسيل لما يشكّله من رمز لهذه المنظومة لذلك تحرّك شباب المرشح مجد حرب طوال اليوم الإنتخابي، وهناك ناشطون لـ»شمالنا» يعملون من أجل تحقيق الخرق المنشود.
لم ينكر أحد قوة باسيل في مدينته، لكن عين المندوبين كانت «عشرة عشرة» خوفاً من «الزعبرة»، وهذا الأمر بدا واضحاً في كل بلدات البترون حيث بدأت نسب الإنتخاب بالإرتفاع، وكان الحديث «المغتربين شجعونا ننتخب».
الخوف من الإشكالات كان السمة البارزة، وقد عاشت بلدات وسط البترون هدوءاً حذراً مثل بلدات عبرين، كور، زان، آسيا، كفيفان وغيرها، واشتدت المنافسة عند الظهر مع إرتفاع نسبة الإقتراع، في حين أن المنافسة كانت مشتعلة في جرد البترون أيضاً بعدما لم تنم ليل السبت.
وإذا كانت بلدات الجرد لم تقدّم مرشحين، إلا أنّ تنورين عوّضت الفرق، ففي هذه البلدة 5 مرشحين يتوزعون على معظم اللوائح، وبدا الإقبال كثيفاً منذ ساعات الصباح الأولى، وغصّت طرقات تنورين بالناخبين الذين توافدوا الى بلدتهم الأم منذ الفجر لكي يتفادوا زحمة الإقتراع والمشاكل.
وشكّل العنوان السياسي الدافع الأول للناخبين، إذ إن العنوان الخدماتي لم يتقدّم، في حين أن قسماً لا يستهان به من الناخبين كان يردّد أن معركته هي لإسقاط باسيل وردّ المقعد النيابي إلى تنورين.
ومن جهة ثانية، بذلت ماكينة «التيار الوطني الحرّ» أقصى جهودها للحفاظ على رقم مرتفع، خصوصاً ان هناك تراجعاً واضحاً في شعبية باسيل في تنورين والقضاء أيضاً.
وأمام كثافة المنتخبين في تنورين، كان هناك بطء شديد في عملية الإقتراع خصوصاً عند احد أقلام النساء، وقد قال البعض انه مقصود من أجل خفض نسبة المشاركة، لكن هذا الأمر تمت معالجته باستبدال رئيس القلم.
وكانت ماكينة «القوات اللبنانية» تعمل طوال النهار الإنتخابي في بلدات البترون لتحقيق أعلى رقم ممكن، فهدفها تأمين فوز مرشحها غياث يزبك وأيضاً تأمين فائض أصوات من أجل الفوز بالحاصل الرابع، خصوصاً ان كل الإحصاءات كانت تشير إلى تقدّم يزبك، لكن هذا الأمر لم يحدّ من عزيمة القواتيين، في حين أن ماكينة المرشح مجد حرب لم تتكل فقط على حجم التصويت في بلدته تنورين، بل إن العمل كان وكأن كل بلدة هي تنورين.
عاشت بلدات البترون يوماً إنتخابياً طويلاً، إذ إن الأنظار كانت تتوجه إلى الدائرة بشكل كبير وليس فقط إلى البترون لأن الحواصل تؤثّر أيضاً بغضّ النظر عن نسبة الصوت التفضيلي.