عكس السجال المستمر بين القوات والكتائب على خلفية تصريح رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميل في ذكرى اغتيال عمه الرئيس بشير الجميل الـ37 منذ يومين، حجم الصراع المسيحي – الماروني من جهة وحجم الهوة العميقة بين حزبي الكتائب والقوات كحزبين عريقين وتعود نشأتهما لعقود قبل الطائف في حين يغرد حزب التيار الوطني الحر المنشأ بعد العام 1990 بتحالفه مع العهد القوي وحيداً في السلطة وممسكاً بمقدراتها ومفاصلها وتعييناتها وفق ما تؤكد اوساط مسيحية متابعة لملف العلاقة المتأزمة بين الاحزاب المسيحية الاربعة الكبرى مع رئيس التيار الوزير جبران باسيل ومع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون من جهة وفيما بينها من جهة ثانية.
وتقول الاوساط ان باسيل وبجنوحه نحو الامساك بالسلطة و«تحجيم» كل القوى المسيحية الاخرى وإعطائها حصتها وفق تمثيلها النيابي في الانتخابات النيابية الاخيرة، وحّد كل خصومه ضده وجعلهم يراهنون على هامش للفصل بين باسيل وحزبه وبين الرئيس عون وموقع الرئاسة عسى ان ينجحون في ذلك. ولكنهم لم ينجحوا وفق الاوساط بسبب تمسك عون بدعم باسيل وخياراته كرئيس اكبر تكتل نيابي ووزاري اليوم، ما جعل الاحزاب المسيحية الاخرى تتخبط بدورها وتتوتر علاقاتها ببعضها البعض وتحاول ان تحقق ما تصبو اليه في السلطة والتعيينات والنفوذ والخدمات ولكن من دون جدوى.
وشعبياً يبدو وفق الاوساط ان ثبات الكتائب في المعارضة وعدم مشاركته في الحكومة او مطالبته بحصص في التعيينات واستمرار معارضته لانتخاب عون والتسوية الرئاسية، في مقابل عقد القوات تفاهم مع التيار وباسيل لضمان حصص في السلطة ومنافعها وعدم حصولها على مطالبها رغم انتخابها عون، فإن اداء الكتائب حالياً يلقى ترحيباً في صفوف الشباب المسيحي وخصوصاً الذي يتمتع بنزعة حادة ومتطرفة ضد باسيل وتحالفه مع حزب الله المتحالف مع سوريا وايران. في حين تظهر القوات بمظهر الزوج «المخدوع» من حليفها باسيل وتبدو بلا حصص ولا تعيينات وبخطاب غير مقنع للقاعدة الشعبية التي كانت تعارض انتخاب عون، والتي تسأل ماذا حققنا كقوات من خلال التسوية الرئاسية؟ والى متى سنبقى في الحكومة و«نبصم» على خطط باسيل وحلفائه؟
وبين المقاعد «الكرتونية» التي وصف بها سامي الجميل ممارسة القوات من دون فعالية في السلطة التي دخلتها بتسوية رئاسية وبرغبة في مشاركة السلطة والتعيينات مع باسيل وبين وصف القوات لسامي الجميل بـ«ولد» يغرد خارج السرب، ساد اشتباك كلامي وسياسي واعلامي بين الطرفين و«ولعت» الامور افتراضياً بين مناصري ومحازبي الطرفين وفي تجاوز لاتفاق منذ اشهر بعدم السماح بحدوث أي سجال او اشتباك علني بين الطرفين وان ينسف «ربط النزاع» بينهما وان يخدم بطبيعة الحال التيار وباسيل.
ويعتبر منسق العلاقات السياسية وعضو المكتب السياسي الكتائبي سيرج داغر، ان الكتائب لا يسعى الى سجال مع القوات وهو وصّف الواقع بالسياسة فردوا علينا بالشخصي، وهذا يؤكد مدى ضيق صدر القوات وانها محشورة بالزاوية من خلال ما قامت به وما التزمت به من خلال التسوية الرئاسية. ويقول داغر ان تحالف القوات مع التيار هو مصلحي ولضمان حصص لها ولم يكن وفق اجندة سياسية. ويسأل لو عُين القاضي الذي طلبته القوات في المجلس الدستوري هل كانت لتصرخ معترضة؟
ويقول اننا لن نخوض في اي سجال مع القوات، ومتى يتوقفون سنتوقف ومن حقنا الدفاع عن وجهة نظرنا وانفسنا. ويقول ان التواصل مقطوع اليوم مع القوات ولكن لا شيء يمنع من عودته.
ويكشف داغر ان الامور تعود الى طبيعتها مع الرئيس سعد الحريري واللقاء الاخير الذي جمع الرئيس الحريري والنائب سامي الجميل في السراي منذ 4 ايام كان ودياً وصريحاً وسلمناه اقتراحات انقاذية اقتصادية وما يجب ان تتضمنه موازنة 2020 كما اتفقنا على ان اداء الكتائب هدفه تصويب عمل الحكومة وليس جلدها او تبخيرها.
ويشير الى ان العلاقة مع حزب الله مقتصرة على اللقاءات النيابية في مجلس النواب ولا تقدم فيها حالياً، ويؤكد ان الكتائب منفتح على كل الاطراف من ضمن قناعاته ولا يسعى الى اي اصطفاف ضد احد.
وفي الموازاة وبين ترتيب رئيس حزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط «أموره» الداخلية في انتظار جلاء الصورة اقليمياً ودولياً، يُغرّد رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع خارج «التفاهمات» الداخلية ويبدو معارضاً للحكومة وللعهد ولباسيل من داخل الحكومة وفي مواجهة سياسية مستمرة مع حزب الله. في حين ينشغل حليفيه «السابقين» الرئيس سعد الحريري وجنبلاط كل من جهته بترتيب اموره مع حزب الله والعهد وباسيل لضمان استمرارية الحكومة والتسوية الرئاسية والتي يبدو انها اصبحت وراء جعجع وباسيل، كما يبدو وفق الاوساط المسيحية نفسها ان جعجع سيواجه العهد وما تبقى من الولاية الرئاسية وحيداً وبلا الحريري وجنبلاط.