مرة جديدة، يعود فريقا 8 و14 آذار الى مناقشة قانون الانتخاب. ورغم أن كل ما يدور حول القانون استهلك منذ سنوات، ثمة احتمال لخلط الاوراق، في حال أعاد التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية درس مشروع جديد للقانون
يعود قانون الانتخاب مرة أخرى الى واجهة الحدث السياسي اليومي من زاويتين، الاولى تمسك القوى المسيحية الاربع بطرحه مع قانون استعادة الجنسية، في الجلسة التشريعية التي دعا اليها الرئيس نبيه بري، والثاني إعادة طرح مشروع قانون الانتخاب على أساس النسبية.
لا تزال القوى المسيحية الاربع متمسكة بطرح قانون الانتخاب في الجلسة التشريعية، سواء كان عقد المجلس استثنائياً أو عادياً، على قاعدة أن أي جلسة تشريعية يجب أن تبقى محصورة بتشريع الضرورة. على هذه النقطة تتفق هذه القوى، ولا سيما التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية، اللذين ازداد تمسكهما بضرورة طرح المشروعين، بعد إعلان النوايا بينهما.
لكن المشكلة التي بدأت بالظهور هي طرح رئيس تكتل التغيير والاصلاح العماد ميشال عون، في جلسة الحوار، تأييده لقانون انتخابات على أساس النسبية مع 15 دائرة. هذا الموقف سرعان ما لاقاه به الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، ومن ثم الرئيس نبيه بري في تأكيده أن لا انتخابات إلا على اساس النسبية.
يشير سياسي مطّلع على ما يجري من نقاشات حالية، إلى أن النقاش حول قانون الانتخاب في الوقت الحالي يذكّر بالمرحلة التي سبقت 7 أيار واتفاق الدوحة، في ظل غياب رئيس للجمهورية واختلاف الاولويات لدى الافرقاء المعنيين، أيهما يتم أولاً: قانون الانتخابات أو رئاسة الجمهورية. مع الفارق أن الوضع الحالي، محلياً وإقليمياً، لا يشي بأن هناك ملامح تسوية للأزمة الداخلية، على غرار ما جرى في الدوحة وأسفرت عن إعطاء المسيحيين ما طالبوا به حينها، أي قانون 1960، الذي ندموا عليه لاحقاً، رغم النصائح التي أعطيت لهم حينها برفضه، واختيار اسم العماد ميشال سليمان لرئاسة الجمهورية.
مشروع النسبيّة يؤمّن اختراقاً لكتلة المستقبل
اليوم يعود النقاش مجدداً الى قانون الانتخاب، رغم أنه ليس نقاشاً جديداً، ولم يعد يحمل منذ عام 2005 أي تفصيل لم يتم البحث فيه، لا بل نوقشت كل المشاريع والافكار والاقتراحات المتعلقة حتى بكافة أنواع مشاريع القوانين الانتخابية في دول العالم كله. وكذلك امتلأت أدراج المعنيين بمشاريع قوانين لا تحصى فعلاً ولا تعدّ، منها ما هو كان متقدماً، ومنها ما نوقش في دوائرمغلقة، ومنها ما أصبح علنياً، ما يعني أن النقاش الحالي حول قانون الانتخاب، على أي قاعدة كان، نسبياً أو أكثرياً أو مختلطاً، ومهما كان شكل الدوائر، استنفد الغاية منه منذ سنوات.
ولا بد أيضاً من الاشارة الى أن القوى المسيحية الاربع ناقشت طويلاً قانون الانتخاب في جلسات جرت برعاية بكركي، وفي اجتماعات رباعية وثنائية، وتوصلت الى بعض الاقتراحات، ومنها مشروع اللقاء الارثوذكسي، ومشروع النسبية مع 15 دائرة الذي يقول عون إنه حاز موافقة الاطراف المسيحيين الاربعة في بكركي، بينما تقول القوى المسيحية الاخرى إنه نوقش كمشروع ثان بعد الارثوذكسي، ولم يتم الاتفاق أو الاجماع عليه.
لذا يصبح النقاش حول قانون الانتخاب، وتعويم فريق 8 آذار وتكتل التغيير والاصلاح موضوع النسبية بالمطلق وتزكية بري ونصرالله له، نقاشاً سياسياً أكثر منه نقاشاً علمياً. فبحسب معارضي ما هو متداول حالياً من الذهاب الى النسبية بالمطلق، فإنه لا يهدف الا الى تحسين وضعية هذا الفريق وتعزيز حضوره في الدوائر والمناطق حيث الاغلبية لا تزال تدين بالولاء لفريق 14 آذار وتيار المستقبل تحديداً. فالنسبية بشكلها المطروح تهدف الى النيل من عدد من مقاعد النواب السنّة (تحديداً في مناطق البقاع والشمال) وتجييرها لمصلحة الشخصيات السنية الموالية لفريق 8 آذار، ما يعزز حصصه النيابية.
والتعامل السياسي مع النسبية يركز، أكثر ما يركز، على تأثيرها على وضع الأكثرية السنية الحالية ومدى تضررها من أي مشروع مماثل، أكثر من تأثيرها على الساحة الشيعية بطبيعة الحال، حيث التغيير الكبير شبه مستحيل، والساحة المسيحية واحتمال خلط محدود للأوراق فيها بتعزيز احتمال فوز بعض الشخصيات التي لا حظّ لها بالقانون الحالي.
كان واضحاً ردّ الفعل الرافض والسريع لقوى 14 آذار لمشروع النسبية كما طرحه عون وتبنّاه نصرالله وبري لاحقاً، رغم أن الاثنين يؤيدان النسبية بالمطلق. وهذا يعني أن النقاش السياسي سيعود مجدداً الى النقطة الصفر، ما دام رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، وهو المعني بالنقاش والحوار مع عون تحت سقف ورقة إعلان النوايا، رفض فوراً المشروع، لأن النسبية بالمطلق تعزز التطرف بحسب رأيه، وهو لا يمكن أن يقبل بها حفاظاً على الوجود المسيحي وعلى الاسلام المعتدل. فكيف سيكون إذاً موقف المستقبل والحزب التقدمي الاشتراكي، وهما سبق أن أعدّا مع القوات مشروعاً مشتركاً بين الأكثري والنسبي، إضافة الى أن موقف الاشتراكي معروف تجاه أي قانون يتعدى الدوائر الصغرى؟
ووفق معلومات «الأخبار»، فإنه بقدر ما هو تكتل التغيير والاصلاح متمسك بمشروعه، تتمسك أيضاً القوات اللبنانية بمشروعها المشترك مع المستقبل والاشتراكي. لكنّ الطرفين يدركان أن كلا المشروعين سيسقطان، الاول بفعل المعارضة السنية الشديدة له المتمثلة في تيار المستقبل، ما سيفقده تغطية ميثاقية مطلوبة، كذلك سيسقط مشروع القوات وحليفيها بفعل المعارضة الشيعية المتمثلة في حزب الله وحركة أمل له، علماً بأن النائب وليد جنبلاط تبرّأ منه في الايام الاخيرة أيضاً، ما يؤدي تلقائياً الى العودة الى البحث عن مشروع قانون انتخابي جديد. وتقول المعلومات إن نقاشاً جدياً بدأ أخيراً خلف الكواليس بين عون وجعجع حول مشروع قانون انتخابي جديد، في حال سقط مشروعا الطرفين، ويمكن أن يشكل نافذة تخرق النقاش حول قانون الانتخاب، يؤمن صحة التمثيل، ودائماً تحت سقف ورقة إعلان النوايا.