لم يقل رئيس تكتل التغيير والإصلاح العماد المتقاعد ميشال عون ما إذا كان سيحضر جلسة الإنتخابات الرئاسية بعد الشرط الذي حدده والقائل أنه يقبل بمنافسة رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع في الصراع الرئاسي، على أن لا يشاركهما ثالث في العملية الإنتخابية، وقد لا يقول «الجنرال» ما هو موقفه في المستقبل المنظور، ليس لأنه محرج في ما سيصدر عنه، بل لأن حلفاءه يفضلون حرق المزيد من الوقت والأوراق قبل أن يتحدد مصير «الوصاية الأخرى» التي لا بد وأن تجد مخرجاً لموضوع الحرب في سوريا التي يشارك فيها الحليف حزب الله، فيما لم يتوقف رئيس مجلس النواب نبيه بري عن القول إنه غير بعيد عن التفاؤل بالنسبة للإستحقاق الرئاسي!
ولجهة مفهوم حزب القوات من الشرط العوني، فإن جعجع قال صراحة إنه ليس في وسعه مطالبة غيره بعدم الترشح، ما قد يدفع «الجنرال» الى التمسك بشرطه في حال إستمر ترشيح النائب هنري حلو، بإسم اللقاء الديموقراطي، فيما القرار يعود الى الزعيم الدرزي وليد جنبلاط الذي يرى المعركة من منظاره الخاص، بما في ذلك رغبته بأن يكون في صلب المعركة من خلال مرشحه الشخصي!
لكن حيال كل ما تقدم، فإن الإنتخابات الرئاسية لن تتم إلا من خلال ثلاثة متنافسين (عون – جعجع وحلو) ولا يعقل توقع مرشحين إثنين، طالما أن المطلوب في نهاية الأمر فائز واحد وبأغلبية الصوت الواحد لأنها جلسة ثانية إكتمل عقد الأولى في بداية النظر بالموضوع وعلى أساس أن الجلسة الأولى قد إنعقدت من غير أن يحرز جعجع الأغلبية المطلقة ومثله النائب هنري حلو!
وبالنسبة الى الأغلبية هناك من يرفض توقع أن يكون الفائز ميشال عون أو سمير جعجع في حال إستمر حلو مرشحاً ثالثاً، وهذا ما تقوله مصادر التيار الوطني الحر ومثلها أوساط حزب القوات اللبنانية «لأن النتيجة ستقارب الفوز بصوت واحد» لمجرد أن أصوات اللقاء الديموقراطي لن تصل الى أي من عون أو جعجع في مطلق الأحوال؟!
وفي عودة الى ما بشر به الرئيس نبيه بري فإن مصادر الأخير لم تحدد مجال تفاؤله، وما إذا كان مبنياً على مرشح رئاسي رابع غير عون وجعجع وحلو، من غير حاجة الى أن يكون من خارج قوى 14 آذار «لأن الوزير بطرس حرب جاهز لتلقف الكرة، وهذا الشيء وارد بالنسبة الى ميشال عون الذي يرى أن حرب ليس مرشح كسر عظم مثل جعجع، والشيء بالشيء يذكر في حال كان هناك مرشح آخر غير حرب، حيث هناك من لا يزال يراهن على جان عبيد فيما تقول أوساط جعجع انه من نوعية عون قياساً على علاقته مع حزب الله حليف حليف عون وسوريا!
هل من مجالات إنتخابية أوسع من غير حرب وعبيد؟ متتبعو التطورات يؤكدون أن الذين سيرفضهم «الجنرال» هم من النوع الذي سيرفضهم «الحكيم»، لأنه بدأ معركة يعتزم السير بها قدماً من غير حاجة الى بديل حتى ولو جاء من خلال طبخة سياسية مرسومة بين أوساط رئيس مجلس النواب وهذا ما يعرفه الرئيس نبيه بري قياساً على ما كان قد سمعه من «جماعة القوات» التي تؤكد أن من الأسلم عاقبة أن يكون جعجع أو عون، من غير إعتبار ذلك شرطاً من مثل شروط مرشح الرابية؟!
السفير السعودي في لبنان محمد عواض عسيري قالها بدوره صراحة إن الإستحقاق الرئاسي يجب أن يكون لبنانياً، كي لا تختلف حساباته لاحقاً، «لأن ظروف الداخل لا تشجع أحداً على ارتكاب أخطاء من نوع الإرتباط الإقليمي والدولي»، وهذا ما سبق لسفراء أميركا وبريطانيا وفرنسا ومصر أن قالوه بصريح العبارة، نظراً لمعرفتهم بطبيعة المشكلة اللبنانية العالقة بين خطين سياسيين قريبين من أن يكونا خطأين بين قوى 14 آذار و 8 آذار حيث يستحيل على أحدهما التفرد بانتخاب رئيس للجمهورية.
كما يقال في هذا الصدد ان المعركة الإنتخابية الرئاسية تنتظر عودة البطريرك الماروني الكاردينال مار بشاره بطرس الراعي من الخارج، على أمل إبعاد الإستحقاق الرئاسي عن أن يكون معركة مصير، بحسب ما ينظر إليها اقطاب من القوى التقليدية الآنفة الذكر؟
السؤال المطروح، الى أين يمكن لاصوات نواب اللقاء الديموقراطي أن تذهب في حال جرت الإنتخابات بين ثلاثة متنافسين (عون – جعجع وحلو): مطلعون على هذا الموضوع الدقيق والحرج في وقت واحد يؤكدون إمكان حصول خرق في صفوف الجنبلاطيين على أساس أن هناك ثلاثة نواب سيصوتون لجعجع وأن يعطوا صوتاً لعون، هم: فؤاد السعد، انطوان سعد ومروان حمادة، فيما هناك من يعلق على إمكان غياب اربعة نواب من جماعة المستقبل هم الرئيس سعد الحريري وعقاب صقر وخالد ضاهر ومحمد كباره، وعندها ستختلف النتيجة بأكثر من صوت لمصلحة العماد ميشال عون؟!