Site icon IMLebanon

معركة بري – عون مستمرة بالواسطة

إذا كانت الآمال المُعلّقة على الجولات الجديدة من جلسات الحوار في ساحة النجمة ضعيفة، اذ لا يُعوّل الكثيرون على إحداث أيّ خرق على مستوى موضوعي الانتخابات الرئاسيّة والانتخابات النيابيّة، فإنّ الكثيرين من داخل فريق «8 آذار» بمداه الواسع، كانوا يُراهنون في المقابل، على طيّ صفحة الخلافات بين رئيس مجلس النوّاب نبيه برّي ورئيس «تكتّل التغيير والإصلاح» العماد ميشال عون، بعد أن كانت علاقة الزعيمين قد بلغت مرحلة متدهورة في الأسابيع والأشهر القليلة المُقبلة، ما استوجَب تدخّلاً مُباشراً من «حزب الله» لأكثر من مرّة. لكنّ حرب البيانات إذا جاز التعبير، والتي اندلعت في الأيّام القليلة الماضية بين وزارتي الطاقة والمالية، والتي تلت ردّاً من وزير المال علي حسن خليل على كلام صادر عن سيزار أبو خليل مُستشار وزير الطاقة السابق جبران باسيل، أثبتت صحّة القول العاميّ «القصّة مشّ قصّة رمّانة، القصّة قصّة قلوب مليانة»، حيث يبدو أنّ «المعركة» بين كل من برّي وعون مُستمرّة، ولو بالواسطة!

وعن هذا الموضوع، أكّدت مصادر سياسيّة مُطلعة أنّ «التيّار الوطني الحُرّ» بدأ معركة إعلاميّة استباقيّة تهدف إلى رفع مسؤولية الوزير باسيل عن الفشل الذريع اللاحق بقطاع الكهرباء، بعد ورود معلومات إليه تُفيد بأنّ «تيّار المُستقبل» ينوي استغلال الغضب الشعبي في الشارع، لتوجيهه نحو قطاع الكهرباء في المرحلة المُقبلة، خاصة أنّ الكثير من الجمعيّات الأهليّة وجماعات الحراك المدني والشعبي تضع هذا الملفّ في أعلى سلّم أولويّاتها مُباشرة بعد موضوع النفايات. وأضافت المصادر أنّ «التيّار الوطني الحُرّ» يعلم أنّ فتح موضوع فشل وزارة الطاقة، والذي جاءت باكورته عبر تقدّم ثلاثة نوّاب من «تيّار المُستقبل» هم محمد الحجار وغازي يوسف وجمال الجراح بطلب استجواب لوزير الطاقة والمياه أرتور نظريان، بشأن أسباب تراجع التغذية الكهربائيّة، سيطال بطبيعة الحال الوزير الحالي للطاقة، وسيطال أيضاً الوزير الأسبق آلان طابوريان، وكلاهما نال منصبه الوزاري من ضمن حصّة «تكتّل التغيير والإصلاح»، إضافة ربّما إلى وزراء كهرباء سابقين، لكنّه سيتركّز خصوصاً على وزير الطاقة السابق جبران باسيل، بسبب موقعه السياسي المؤثّر، خاصة أنّه أيضاً كان قد أطلق وعوداً لم تُنفّذ بعودة الكهرباء 24 على 24 ساعة في لبنان إعتباراً من العام 2015 الحالي!

وتابعت المصادر عينها بأنّ خصوم «التيّار الوطني الحُرّ» الكثر يهدفون من وراء إظهار فشل مشاريع الوزير باسيل في وزارة الطاقة ونتائجها الكارثية على لبنان وعلى خزينة الدولة، إلى ضرب كل مصداقية «التيّار الوطني الحُرّ» و«تكتّل التغيير والإصلاح» بالنسبة إلى وعود مُواجهة الفساد في الدولة، ومعالجة المشاكل التي تُعيق عمل المؤسّسات. ولفتت المصادر السياسيّة المُطلعة نفسها، إلى أنّ غضب وزارة الطاقة من وزارة المالية التي هي بيد الوزير خليل الذي يُعتبر «اليد اليُمنى» للرئيس برّي، جاء مُضاعفاً، كون «التيّار» يعتبر أنّ «الماليّة» تتبنّى خطاب خصوم «الوطني الحُرّ» وخصوم قوى «8 آذار» السياسيّين.

إشارة إلى أنّه وبحسب خبير في مجال الطاقة، إنّ القدرة الإنتاجيّة لمختلف المعامل التابعة لشركة كهرباء لبنان تبلغ حالياً نحو 1500 «ميغاوات»، في حال كانت كل المجموعات الإنتاجيّة تعمل بشكل سليم وبكامل قدراتها. وأوضح أنّه مع إضافة 270 «ميغاوات» التي هي مجموع إنتاج سفينتي الطاقة المُستأجرتين والراسيتين في كل من معملي الذوق والجيّة للكهرباء، ترتفع القدرة الإنتاجيّة الإجمالية إلى 1770 «ميغاوات»، علماً أنّ لبنان يحتاج إلى ما لا يقلّ عن 3000 «ميغاوات» مع ارتفاع هذا الرقم الاستهلاكي أكثر في بعض ساعات الذروة، مُشيراً إلى أنّ نسبة العجز بين الإنتاج والاستهلاك تتجاوز 40 %. وردّا على سؤال، أوضح خبير الطاقة نفسه أنّه وبغضّ النظر عن الخلافات السياسيّة بين وزارتي المال والطاقة، فإنّ المبالغ التي تحوّلت من وزارة المالية إلى مؤسّسة كهرباء لبنان طوال فترة حكم الوزير باسيل بلغت 7,68 مليار دولار أميركي، أي ما نسبته 49 % من إجمالي المبالغ التي تحوّلت بين العام 1992 والعام 2014، في ظلّ استنزاف كبير للأموال نتيجة الأعطال المُتكرّرة وخدمة الدين المُتصاعدة، إضافة طبعاً إلى السرقات والتعدّيات على الشبكة، والارتفاع التصاعدي للطلب على الطاقة بفعل عاملي النموّ السكاني الطبيعي وزيادة عدد اللاجئين السوريّين أيضاً.

وبالعودة إلى المصادر السياسيّة المُطلعة فهي لفتت إلى أنّ القصّة بين الزعيمين بري وعون، لم تعد تقتصر على إعلان الأوّل رفض انتخاب الثاني إذا كان لا يعترف بشرعيّة المجلس النيابي، ولا بتسريب الثاني خبر مُعارضة التجديد لرئيس مجلس النوّاب، ولا تقتصر أيضاً على خلافات نيابيّة مناطقية سابقة، ولا على نزاعات بين موظّفين محسوبين على الطرفين، ولا حتى على مسألة المُشاركة في الجلسات التشريعية أو تأمين الغطاء القانوني والمذهبي لجلسات مجلس الوزراء، إنّما تتعدّاها إلى نُفور شخصي بين الزعيمين على الرغم من كل محاولات الترقيع وكل الوساطات، وعلى الرغم من النفي المُتكرّر لأي خلافات شخصيّة بين الطرفين.

وختمت المصادر عينها كلامها بتوقّع استمرار المشاكل بين الجهات المحسوبة على كلّ من الطرفين، لأنّ معركة كهرباء لبنان قد فُتحت على مصراعيها، و«التيّار الوطني الحُرّ» يرفض أن يُحمّل أيّ مسؤوليّة في هذا الصدد، وسيُحاول رمي «كرة نار» الفساد والهدر والفشل على أطراف أخرى، حتى لوّ كانت مُصنّفة حليفة بالبُعد السياسي!