IMLebanon

معركة حجز المواقع الإقليمية في ذروتها نتنياهو يريد الشركة المضارِبة في النووي

يواصل رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو الذي يستعد للتوجه الى واشنطن لإلقاء كلمة امام الكونغرس الاميركي لشرح مخاطر اتفاق نووي مع ايران تصعيد حملته على هذا الصعيد منذ الكشف عن مفاوضات سرية اجرتها واشنطن مع ايران في عمان اولا ثم في جنيف من اجل محاولة التوصل الى اتفاق حول الملف النووي الايراني. في تشرين الثاني 2013 اعلن وزير الخارجية الاميركي جون كيري في مؤتمر صحافي عقده مع نظيره التركي آنذاك داود اوغلو الذي كان في زيارة لواشنطن ان لرئيس الوزراء الاسرائيلي كل الحق في ان يعارض اتفاقا محتملا مع ايران لكن مخاوفه من ان اتفاقا مماثلا يمكن ان يترك اسرائيل ضعيفة لا اساس له مشددا على ان الولايات المتحدة ملتزمة بعمق امن اسرائيل وانه يعتقد ان الاتفاق يقلل حجم المخاطر التي تتهدد اسرائيل. ووقف كيري امام لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب الاميركي قبل يومين ليقول ان نتنياهو ربما يكون مخطئا في معارضته لاتفاق مع ايران حول ملفها النووي بعدما كان اعلن انه لن يكون في واشنطن للاستماع الى كلمة نتنياهو في الكونغرس.

لا تستهين مصادر سياسية بقدرة اسرائيل على عرقلة الاتفاق مع طهران من خلال الكونغرس الاميركي ولو ان الانقسام الذي احدثه والبلبلة التي اثارها في واشنطن قد لا تسمح له بتحقيق هذا الهدف. لكن الخط البياني لموقف نتنياهو في هذا الاطار وفق ما ترى هذه المصادر قد يكون السعي الى ان يكون شريكا مضاربا في هذا الاتفاق في ظل ما يجري عمليا من مساعٍ لتحسين الاوراق في المنطقة في ضوء البروباغندا التي تعتمدها ايران في اعلان سيطرتها على عواصم عدة من العراق الى دمشق فبيروت وصنعاء وفلسطين على حد ما يأتي على ألسنة المسؤولين الايرانيين. وهو امر ترفضه ايران على الارجح من موقع ما ينسب الى مسؤوليها من انها تفاوض الولايات المتحدة راهنا ولا تفاوض اسرائيل. في حين ان نتنياهو يسعى على الارجح الى الحصول على ضمانات بقطع دابر ايران في دعم التنظيمات المسلحة في غزة كحماس وسواها على الاقل انطلاقا من المشكلة الحقيقية التي تشكلها الاراضي الفلسطينية المحتلة لإسرائيل. وما لم يكن شريكا في ذلك فانه سيملك ما يكفي من الذرائع من اجل رفض اي مفاوضات جدية مع الفلسطينيين الذين يجد بعضهم ملاذا في الدعم الايراني. ففي خلفية ما جرى ويجري في موازاة المفاوضات على النووي الايراني الكثير من السباق على حجز مواقع نفوذ قوية في دول المنطقة وتود اسرائيل ان تكون في خضم هذا السعي.

كما من غير المستبعد ان يكون نتنياهو يرمي الى ضمانات اخرى في مواقع اخرى على حدودها مع اعلان ايران وصولها الى حدود اسرائيل من جانب لبنان او سعيها الى الحصول على مواقع في الجولان ايضا في ظل استمرار ايران على موقفها المهدد لإسرائيل في ادبياتها الخطابية. اذ ان خلفيات اللعبة الداخلية السياسية التي يستفيد منها نتنياهو تعزيزا لحظوظه في رئاسة الحكومة المقبلة مرة جديدة لا تخفى من خلال تصعيد الموقف مع واشنطن حول الملف النووي الايراني، لكن هذا التصعيد قد يكون بابا لضمانات اكبر من واشنطن وابتزازا للادارة الحالية على اكثر من مستوى خصوصا مع اظهار هذه الاخيرة في موقع من تنازل كثيرا من اجل اتفاق يبقي على قدرات ايران النووية كاملة. ويحرج الموقف الاسرائيلي ادارة اوباما التي تواجه انتقادات من حلفائها من الدول العربية في المنطقة ايضا لمنحى الاتفاق النووي فيما لا تستطيع هذه الدول ان تجاري نتنياهو في حملته لاعتبارات عدة من بينها التحفظات عن كون اسرائيل تملك قوة نووية في حد ذاتها ولا يمكن الاعتراض على ملف ايران من دون الاعتراض ايضا على ملف اسرائيل النووي، في حين ان مخاوف الدول العربية من مساوئ اتفاق مع ايران كبيرة تطاول التمدد الايراني في دول المنطقة واطلاق يد ايران في زعزعة امن دولها ما يشكل خطرا على هذه الدول. واحراج الادارة الاميركية ظهر في الجدل الذي حصل ولا يزال حول دعوة نتنياهو الى التحدث امام الكونغرس ومقاطعته من الادارة الاميركية التي تقف على نقيض مع الحزب الجمهوري على هذا الصعيد بحيث ان ما قد يعتبره اوباما انجازا رئيسيا يحققه تتويجا لولايتيه الرئاسيتين في اتفاق مع ايران حول ملفها النووي معرض للاهتزاز في اعين الاميركيين. الا ان المفارقة اللافتة في المقابل تكمن في ان الموقف الاسرائيلي الذي يستهدف الاتفاق النووي المحتمل مع طهران قد يعزز وفق ما ترى المصادر السياسية موقف العاصمة الايرانية ولا يكون مزعجا لها من حيث ان اتفاقا تم تسريب بعض ملامحه الاساسية وتعترض عليه اسرائيل يتيح لملالي طهران الادعاء ان ايران لم تتنازل ويمكنهم الترويج امام الايرانيين للمنطق الذي يفيد بان ايران حققت انتصارا عبر هذا الاتفاق، ما قد يسهل تبليعه الى الايرانيين خصوصا لدى المتشددين من بينهم او يحرج اعتراضاتهم المحتملة على الاقل، وانه لولا لم تتراجع ايران وابقت على مكتسباتها كاملة تقريبا ما كانت اسرائيل لتعترض على هذا النحو. يضاف الى ذلك ان نشوء خلاف بين واشنطن وتل ابيب حول طبيعة الاتفاق حول ملف ايران النووي من شأنه ان يعطي اوراقا اضافية قوية للرئيس الايراني وفريقه ويعزز موقعهم.