IMLebanon

«معركة دمشق» بدأت والاحتياط واجب في ملف النازحين

منذ أسابيع، بدأ يتردّد كلام في الأوساط السياسية والدبلوماسية عن تحذيرات وصلت الى المعنيين في لبنان، من «انعكاسات معركة دمشق المرتقبة، ومن سقوط مفاجئ للنظام السوري، وتداعيات كل ذلك، أمنياً واجتماعياً، عليه، لا سيما مع توقعات بنزوح مئات آلاف السوريين».

قد توحي حركة نزوح «مَيْسوري الحال» من العاصمة السورية باتّجاه مناطق البقاع الأوسط باقتراب هذه المعركة. فتزامناً مع انطلاق الثورة السورية، عمد الكثير من الدمشقيين (الأصليين) والقاطنين في دمشق، من أصحاب رؤوس الأموال، الى شراء أو استئجار شقق «فخمة» في منطقة شتورة وضواحيها، وعادوا بـ»مفاتيح» هذه الشقق الى دمشق، بعد أن أمّنوا مسكناً لهم في لبنان تحسباً لأي طارئ. 

في الأسابيع القليلة الماضية، شهدت نقطة المصنع الحدودية دخول مواكب سورية باتجاه لبنان، قيل إنها لعائلات ضباط سوريين ورجال أعمال، هُرّبوا من أحداث أمنية متوقّعة في دمشق. وظهر ذلك بوضوح من خلال ازياد حركة السوريين في الشقق و»السوبرماركات» الفاخرة في منطقة شتورة وضواحيها، وهذا ما أكدّه سماسرة في البقاع، حيث اجمعوا على ان «الشقق امتلأت».

فماذا يحدث في دمشق؟ هل فعلاً اقتربت المعركة التي يتحدّث عنها الكثيرون؟ وكيف سيواجه لبنان تبعاتها، إن وقعت؟ وهل أخذ التحذيرات التي تلقّاها على محمل الجد؟ 

وبحسب مصادر دبلوماسية فإن الحكومة اللبنانية تلقت نصائح من جهات دولية وعربية عديدة، بضرورة الاسراع في اتّخاذ التدابير اللازمة، خشية تدهور دراماتيكي للأوضاع في دمشق وضواحيها. وأوضحت لـ»المستقبل»، ان مؤشرات عدة ظهرت مؤخراً على الساحة الدولية توحي بأن معركة دمشق باتت قريبة. المؤشّر الأول، يكمن في الحديث عن تعرقل المفاوضات «النووية» بين ايران والـ»5+1» في جنيف، وتمديدها الى ما بعد 30 حزيران الجاري (اليوم). ولا تستبعد هذه المصادر، أن يتّخذ المجتمع الدولي قراراً بالضغط على إيران ومحور «الممانعة»، من خلال تسهيل فتح معركة دمشق، بعد أن كانت العاصمة من الخطوط الحمر الدولية. والمؤشّر الثاني، يظهر في الدعم العربي للمعارضة «المعتدلة» في الجبهة الجنوبية، لتحرير ما تبقى من محافظتَي درعا والقنيطرة، وللزحف باتجاه دمشق.

لهذا حاول الجيش السوري مدعوماً من «حزب الله« ضرب «عاصفة الجنوب» في الساعات الأخيرة، في محاولة لتأخير تقدّمها الحتمي باتّجاه دمشق، ريثما تُنجز «الممانعة» سيطرتها على جغرافية «الدويلة» المأمولة. ولهذا يسعى «حزب الله« جاهداً لإبعاد الفصائل عن طريق دمشق – الساحل (القلمون)، لتأمين خروج النظام من العاصمة في حال حصول المعركة المتوقعة. ولهذا يحشد الحزب مئات المقاتلين في البقاع الشمالي ويستكمل استعداداته الميدانية، لإطلاق معركة تحرير جرود بعلبك والمناطق المجاورة، ضمن سياسة القضم البطيء لكامل الشريط الحدودي الاستراتيجي (المصنع – القصير). ولهذا كشفت ايران في الاسابيع الماضية على لسان أمير موسوي، أحد المقربين من دوائر صنع القرار في طهران، عن اقتراح يقضي بنقل مقرّ الحكم السوري من دمشق الى الساحل، حيث تتمركز الغالبية العلوية وآلاف المقاتلين الشيعة بقيادة ضبّاط ايرانيين.

وسط كل هذه الأجواء، والاستعدادات الميدانية لمعركة دمشق الكبرى، كيف يتعامل لبنان مع التحذيرات من احتمال تدهور الاوضاع فجأة وتأثيرها السلبي على الداخل اللبناني؟

مصادر دبلوماسية في بيروت، رأت في حديث الى «المستقبل» أن لبنان قد يشهد أكثر المراحل خطورة منذ انطلاقة الثورة السورية. فعلى الرغم من وجود مظلّة دولية لإبقائه، حتى الساعة، خارج صراعات المنطقة، إلّا أنه يعاني أزمة فراغ في الرئاسة الأولى وأزمة حكومية مستجدة، الأمر الذي ينعكس سلباً على كافة الصعد الأمنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية. وبرأي المصادر، فإن إمعان فريق من اللبنانيين بالعمل على إفراغ المؤسسات الدستورية، بهدف تحقيق مصالح إيران الاستراتيجية، يجعل من لبنان بلداً مكشوفاً أمنياً، يتيح لجميع الدول والتنظيمات الفرصة للعبث فيه.

المؤشّرات كافة توحي بأن معركة دمشق الحتمية، او ما باتت تعرف في الوسط العسكري بـ»غزوة دمشق»، قد تكون قريبة، حتى لو حاولت «الممانعة» فرملتها قليلاً. معركة شبّهها روبرت فورد، السفير الاميركي السابق في دمشق، بـ»معارك بيروت» خلال الحرب الاهلية، حيث تسيطر فصائل مختلفة على أحياء عديدة من العاصمة. وفيما تبدو صورة المقبل من الايام سوداوية، لا يزال البعض يضحّي بلبنان، لرهانه على نظام ساقط، بات أكبر طموحاته البحث عن فتات دويلة غير قابلة للحياة.