IMLebanon

معركة مفاوضات ما قبل  مفاوضات جنيف-

٣ ليس لقاء زيوريخ سوى نموذج للطريقة التي تدار بها لعبة الحرب والتسوية في سوريا: شيء من التفاهم بين الكبار بعد عملية أخذ ورد، وشيء من اندفاع القوى المحلية والاقليمية في إقامة الحواجز على الطريق وتكبير الشروط. فوزير الخارجية الأميركي جون كيري هو الذي يقدم مقترحات في اطار التنسيق مع موسكو التي تراها في الاتجاه الصحيح، من حيث المبدأ وتضعها في خانة تنفيذ الأعمال المشتركة وتقسيم العمل والدعم المتبادل. ونظيره الروسي سيرغي لافروف هو الذي يتكلم بعد اللقاء مؤكداً حرص روسيا وأميركا على بدء مفاوضات جنيف-٣ في أواخر كانون الثاني الجاري، بعدما كان من المفترض أن تبدأ في أوائله حسب قرارر مجلس الأمن الرقم ٢٢٥٤.

وليس من الواضح حالياً إن كان التفاهم بين الثنائي كيري – لافروف قد حسم الخلافات الاجرائية التي ظهرت على السطح.

لكن مفاوضات ما قبل مفاوضات جنيف-٣ تبدو كأنها معركة كاملة الأوصاف على محاور القتال وفصول التسوية السياسية. فلا الوفد الممثل لمؤتمر المعارضة الموسع في الرياض مقبول من موسكو وطهران ودمشق كممثل وحيد للمعارضة، فضلاً عن الرفض لأن يضم أي عضو من أحرار الشام أو جيش الاسلام. ولا ما تطرحه روسيا من تمثيل المعارضين الذين اجتمعوا في موسكو والقاهرة ضمن وفد منفصل عن وفد اجتماع الرياض يبدو قليل المصاعب ان لم يدفع وفد الرياض الى الامتناع عن المشاركة في المفاوضات.

لا الموفد الدولي ستيفان دي ميستورا هو الذي يضع اللمسات الأخيرة على تشكيلة وفد المعارضة، وان كان هذا ما رسمه له القرار ٢٢٥٤. ولا السوريون هم الذين يشكلون وفد المعارضة من دون املاءات اقليمية ودولية ولا شيء يوحي ان النظام في وارد الاستجابة للمطالبة باطلاق معتقلين وبدء اجراءات بناء الثقة عبر رفع الحصار وفك الارتباط بين الشق الانساني والشق السياسي في التفاوض.

وما دامت اليد العليا في العملية العسكرية للروس، فان اليد العليا في ادارة العملية السياسية هي لهم أيضاً. وهذا من العوامل التي دفعت موسكو الى اخراج الاتفاق الروسي – السوري في آب الماضي من الأرشيف السري الى الضوء. فهي ترد على الذين يحسبون عليها الوقت ويتصورون انها تستعجل التسوية لتوقف عمليتها العسكرية ضمن استراتيجية خروج بتسريب الاتفاق الذي يعطيها دوراً عسكرياً بلا حدود زمنية ولا قيد أو شرط على ممارسته. وخلاصة الرسالة الموجهة الى أكثر من عنوان أن روسيا ليست محشورة ولا مستعجلة ولا مضطرة للموافقة على أية صيغة للتسوية، بل تريد ان ترسم على الأرض خارطة التسوية.