يواصل المشرف على الساحة اللبنانية في حركة «فتح» عزام الأحمد زيارته الأطول للبنان. لليوم العاشر أمس، استكمل الأحمد الذي أرسلته رام الله لمحاولة لملمة الوضع بعد الفشل في حسم معركة عين الحلوة بوجه الإسلاميين، استقبالاته واستدعاءاته في مقر السفارة الفلسطينية، لرسم الأطر الجديدة لقيادة «فتح» في عاصمة الشتات، وهي أطر غير بعيدة عن سلطة التنسيق الأمني بقيادة ماجد فرج.
وبعد فشل خطة «اجتثاث الإرهاب وإلا نترك المخيمات ولتتحمّل الدولة والفصائل مسؤوليتها»، بدأت حملة داخل «فتح» نفسها بفصل ومعاقبة «أي فتحاوي يعارض توجهات الحركة». وفي هذا السياق، أوقفت قيادة قوات الأمن الوطني الفلسطيني 25 من مقاتليها رفضوا القتال أخيراً، واستدعي 80 مقاتلاً إلى السفارة للتحقيق معهم حول ملابسات استقالتهم على خلفية المعركة الأخيرة، واتّخذت قيادة «الأمن الوطني» قراراً بوقف رواتبهم.
من جهة أخرى، تتصدّى فتح لمحاولات «تمييع» تطبيق بنود اتفاق وقف إطلاق النار من تشكيل القوة الأمنية المشتركة ونشرها إلى تسليم قتلة أبو أشرف العرموشي. وفيما حدّد الأحمد نهاية أيلول الجاري موعداً أخيراً لتسليم المطلوبين، أعلن مندوب حركة «حماس» أحمد عبد الهادي أنه لا وجود لمهل في اتفاق عين التينة الذي أُبرم برعاية الرئيس نبيه بري، لا على صعيد القوة الأمنية ولا بالنسبة إلى عملية التسليم. إلا أن مصادر معنية أكّدت أن «فتح» أعطت تعهدات بعدم إشعال المعركة مجدداً في الفترة المقبلة.
في المقابل، لا تزال المجموعات الإسلامية تطلب ضمانات بشأن المرحلة المقبلة، بما فيها ضمانات خاصة بالذين سيتم تسليمهم والتعهد بعدم تعرّضهم للتعذيب أو إجبارهم على توقيع إفادات مغلوطة، والسماح لهم بتوكيل محامين لحضور جلسات التحقيق معهم. وأبدى الإسلاميون موافقتهم على تسليم اثنين من المطلوبين، أحدهما فراس الملاح.
لا مسح للأضرار
في هذه الأثناء، لا يزال أبناء المخيم يعانون الأمرّين جراء آثار جولتَي القتال. عند حاجز التعمير، أحد مداخل عين الحلوة الخاضع لسلطة الجيش اللبناني، يصطف طابور طويل من السيارات عند مسرب الخروج حيث تخضع للتفتيش شاحنات صغيرة محمّلة بالأثاث. ويتصرف أبناء المخيم على أن الجولة الثالثة آتية سريعاً، لذلك يحاولون استباقها بنقل ما أمكن من مقتنيات منازلهم إلى مساكنهم البديلة.
وقد شدّد الجيش إجراءات تفتيش الخارجين في مقابل تسهيلات للداخلين. ولاحظ زوار المخيم خلو الأحياء المتضررة كحطين والطيرة والرأس الأحمر والبراكسات والتعمير من سكانها. كما سُجلت حالات نزوح إضافية من أحياء صفوريه وعرب الغوير والزيب ولوبية وحي السكة التي يُعتقد أنها لن تبقى آمنة في الجولات المقبلة. وأحصت الـ«أونروا» نزوح أربعة آلاف شخص من المخيم، منهم 800 لجأوا إلى أربعة مراكز تابعة لها في صيدا وسبلين. ولوحظ أن المسلحين يمنعون بعض السكان من العودة إلى بيوتهم. وبرّر قائد قوات الأمن الوطني الفلسطيني اللواء صبحي أبو عرب القرار بحماية المدنيين من القذائف غير المنفجرة المنتشرة في المكان.
من جهة أخرى، لم يشهد المخيم أي عملية جدية لمسح أضرار أحياء القتال التي طاولت ثلثيه. وتتذرّع الـ«أونروا» لعدم القيام بذلك بأن اتفاق وقف إطلاق النار قد لا يستمر. وقد نقلت الوكالة بعض خدماتها الصحية والاجتماعية إلى صيدا. والنقاش قائم حول مصير حوالي ستة آلاف طالب مسجّلين في مدارسها التي أصابتها أضرار الاشتباكات. وبعد مناشدات عدة، استجابت الوكالة صباح أمس وبدأت برفع النفايات المتراكمة في الشوارع منذ ثلاثة أسابيع بواسطة شاحنات خاصة وليس شاحناتها التي رفضت إدخالها إلى المخيم «غير الآمن».
وقالت مصادر حركة «حماس» إنها أنجزت مسحاً أولياً استناداً إلى تقارير لجان الأحياء، وسجّلت تضرر 1200 منزل جزئياً و124 منزلاً بشكل كامل في الجولة الأولى، وقدّرت قيمة الخسائر بين 15 و20 مليون دولار. وسجّلت الجولة الثانية تضرراً جزئياً لأكثر من 2000 منزل، فيما دُمر أو احتُرق كلياً أكثر من 250 منزلاً، وقُدرت الخسائر بنحو 30 مليون دولار. وتضرر 70% من المحال التجارية، وأصيبت 70% من خزانات المياه على الأسطح بشكل مباشر، كما لحق الضرر بـ 80% من ألواح الطاقة الشمسية، و80% من كابلات الكهرباء.