الإنجاز العسكري الذي يوشك نظام بشار الأسد أن يحققه من خلال محاصرته مدينة حلب وامكان استعادة السيطرة عليها بغطاء جوي روسي كثيف، يحمل أكثر من درس لإسرائيل، ويطرح سؤالين أساسيين: الأول يتعلق بمستقبل التحالف الاستراتيجي بين الولايات المتحدة الأميركية وإسرائيل في ضوء الانهيار الكامل لسياسة الرئيس أوباما في الشرق الأوسط، والثاني أفق التعاون بين إسرائيل وروسيا في ضوء الوجود العسكري الروسي في سوريا، والتحالف الذي يجمع الروس ونظام بشار الأسد وإيران والميليشيات الشيعية المقاتلة الى جانب الأسد وفي طليعتها “حزب الله”.
بالنسبة إلى مستقبل التحالف الاستراتيجي مع الولايات المتحدة، فإن التسليم الأميركي بالدور الروسي في انهاء الحرب الأهلية السورية لا يمس بثوابت هذا التحالف مثل المساعدة العسكرية الأميركية السنوية لإسرائيل والتي يبدو أنها مرشحة لزيادة كبيرة في الفترة المقبلة. ووفقاً لمصادر إسرائيلية تدرس الدولتان توقيع اتفاق جديد خلال السنين العشر المقبلة بقيمة 50 مليار دولار، وبذلك تكون إسرائيل رفعت المساعدة من ثلاثة مليارات دولار سنوياً الى خمسة. ولكن في ما عدا ذلك يبدو أن إسرائيل لا تتوقع شيئاً مهماً في الفترة المتبقية من ولاية الرئيس أوباما لا على الصعيد السياسي ولا على الصعيد العسكري. بيد أن التراجع الكبير في الدور الأميركي العسكري في المنطقة، وتسليم الأميركيين بنفوذ روسيا، يجعلان الإسرائيليين يتخوفون على المدى البعيد من طريقة تصرف الأميركيين مستقبلاً اذا خرقت إيران الاتفاق النووي الموقع معها وواصلت سراً تطوير برنامجها النووي، أو اذا تعرضوا لهجوم عسكري مفاجئ في ضوء موقف الرأي العام الأميركي الرافض لأي تدخل عسكري أميركي جديد في الشرق الأوسط.
في ما يتصل بالعلاقة مع روسيا، ترى إسرائيل أن تعاظم الدور الروسي في سوريا ينطوي على فرصة بالنسبة إليها نظراً إلى شبكة العلاقات الجيدة التي تربطها بالروس والتفاهم العسكري الوثيق الذي توصلت اليه مع القيادة الروسية مع بدء تدخلها في سوريا خريف العام الماضي، وتعول إسرائيل على هذه العلاقات وهذا التفاهم من أجل الدفاع عن مصالحها الأمنية. لا يهم إسرائيل فعلاً انتصار بشار الأسد على خصومه واستعادته مدينة حلب، كما لا يهمها مقتل أقل من نصف مليون سوري وتهجير عشرة ملايين آخرين، بقدر ما يهمها ألا تؤدي الانجازات العسكرية الأخيرة التي تمكن نظام الأسد وحلفاؤه من تحقيقها بغطاء جوي روسي الى تعزيز محور إيران – “حزب الله” في سوريا.
تشاهد إسرائيل كيف تتقاطع مصالح الدول العظمى في سوريا بصورة تجعل اعداء الأمس حلفاء اليوم. وتتخوف من الارتدادات السلبية لهذا التبدل الكبير في المحاور عليها.