IMLebanon

خيارات معركة حلب:  تغيير حسابات من؟

حلب تبدو محكومة بالخروج من معادلة حرب المدن، والدخول في معادلة حرب العصابات. وهما معادلتان ساهمتا، عبر العسكرة، في تهميش المطلب الأساسي الذي قاد الى الانتفاضة الشعبية، وتكريس ثلاثة أمور متداخلة في حرب سوريا. أولها تصاعد التطرّف والتطيّف والارهاب وامتلاء الملعب السوري بالمقاتلين المتعصبين من كل الجنسيات في المنطقة والعالم. وثانيها بروز صراع المحاور الاقليمية والتدخل المباشر وغير المباشر للقوى الاقليمية في الحرب بداعي ان كل طرف يقاتل من أجل مشروعه. وثالثها خوض معركة مهمة في حرب النظام العالمي بين روسيا التي اندفعت بكل قواها السياسية والعسكرية والديبلوماسية وأميركا التي بقي تدخلها المباشر هامشياً وتعددت القراءات في دورها الواسع غير المباشر.

من يتصدّر المشهد حالياً في مجلس الأمن وعواصم الكبار وعلى الأرض في سوريا هو الجانب المتعلق بحرب النظام العالمي: من سقوط اتفاق كيري – لافروف الى العمل الروسي المنفرد في حسم معركة حلب، والسعي الأميركي والأوروبي لوقف المعركة. لكن دينامية الحسم تبدو أقوى. فالقدرة الروسية على التدمير هائلة. وإصرار النظام والميليشيات التي تسانده على الربح في حلب قوي جداً، مهما تكن عالية أصوات المعترضين على الكارثة الانسانية. ولا شيء يوحي ان موسكو التي تسخر من جون كيري ولم تتجاوب مع زائرها جان مارك ايرولت ستأخذ بعين الاعتبار الرسالة القوية التي بحث وزيرا الخارجية الأميركي والفرنسي في ارسالها الى الكرملين.

ذلك ان ادارة الرئيس باراك أوباما هدّدت دمشق مرتين بضربات عسكرية. المرة الأولى بعد استخدام أسلحة كيماوية في الغوطة، بحيث أعلنت موسكو النأي بالنفس لأنها كانت تتصور ان البيت الأبيض جدّي. لكن أوباما قرر التراجع في اللحظة الأخيرة، ونزل عن الشجرة عبر السلّم الذي مدّه الرئيس فلاديمير بوتين تحت عنوان نزع السلاح الكيماوي السوري. والمرة الثانية بعد الاندفاع في معركة حلب. لكن روسيا الواثقة من ان أوباما لن يفعل وهو بطة عرجاء ما لم يفعله من قبل، ترفع عيار التحذير من أن أي عمل عسكري أميركي سيقود الى زلزلة المنطقة.

وليس سرّاً ان الخيارات التي طلبها أوباما من معاونيه هي جميعاً تحت سقف الضغط من أجل تغيير الحسابات الروسية على أمل أن تتولى موسكو الضغط ل تغيير حسابات الرئيس بشار الأسد. هذا ما قاله رئيس الأركان المشتركة الجنرال جوزف دانفورد. وما يتحدث عنه فريق الأمن القومي. والحد الأدنى في حسابات بوتين هو الضغط لتغيير الحسابات الأميركية في أوكرانيا قبل سوريا.

والتراجيديا الانسانية خارج حسابات الكبار.