IMLebanon

معركة بعبدا: القوات تحرج غاريوس فتُخرِجه من السباق

كان يفترض برئيس بلدية الشياح إدمون غاريوس أن يقدم استقالته، بعد أن أكد لـ«الأخبار» سابقاً أنه بات واثقاً من ترشحه بنسبة تقارب 90%. وكان يفترض أيضاً، على ما أكده، أن يكون حليف القوات اللبنانية في بعبدا أو بمعنى آخر مرشحها. إلا أن المهلة انقضت وغاريوس لم يستقل من رئاسة البلدية، ما يعني أنه لن يترشح إلى الانتخابات النيابية المقبلة، رغم نيله نسبة عالية في الاستطلاعات التي أجريت في قضاء بعبدا وتخطيه مرشح القوات الحزبي الوزير بيار أبي عاصي بأكثر من الضعفين.

ويضع المقربون من غاريوس عدم استقالته في ثلاث خانات: أُولاها اشتراط حزب القوات عليه تسهيل وصول نائب رئيس بلدية الشياح شوقي نعيم القواتي إلى الرئاسة حتى تتمكن معراب من إحكام قبضتها على البلدة. ثانيتها كيل معراب رؤساء البلدية القريبين منها بمكيالين، إذ رفضت مساواة غاريوس برئيس بلدية جبيل زياد حواط، من حيث تبنيه على أنه مرشحها الأوحد. ففي بعبدا تعتزم القوات ترشيح مرشح حزبي يرجَّح أن يكون وزير الشؤون الاجتماعية بيار أبي عاصي إلى جانب غاريوس، ما دفع «الريّس» إلى إعادة حساباته بعد أن بات من شبه المؤكد له أن القوات ستمنح أصواتها التفضيلية لمرشحها، فيكون هو كبش المحرقة وتُستعمَل أصواته كرافعة لبلوغ العتبة الانتخابية لا أكثر. ثالثتها، ودائماً بحسب ما ينقله أصدقاء غاريوس عنه، أنه لا يمكن خوض الانتخابات في بعبدا من دون التحالف مع حزب الله أو مع الحزب الاشتراكي، لعدم إيمانه بقدرة أي حزب مسيحي، باستثناء التيار الوطني الحر، على الحصول على الحاصل الانتخابي.

وكان غاريوس قد حصل على استطلاع قُدّرت فيه القوى الانتخابية في بعبدا وفق الآتي: التيار الوطني الحر 21000 صوت، القوات 6500 صوت، الكتائب 3500 صوت، المردة 2000 صوت، القومي وأرسلان وغيرهما نحو ألفي صوت. وفي حسبة بسيطة، تبين لغاريوس أنه غير قادر على الفوز بمقعد (قدّر الاستطلاع قوّته مع رؤساء البلديات غير الحزبيين بنحو خمسة آلاف صوت) وما استقالته سوى انتحار وخسارة مزدوجة، خصوصاً أن علاقته اليوم بقصر بعبدا والتيار الوطني الحر جيدة جداً. ومن ناحية أخرى، المعركة النيابية تتطلب عاماً من الشغل الخدماتي بمعزل عن البلدية وتمويلاً خاصاً يتجاوز مليون دولار، وهو ما لا يعتزم غاريوس فعله.

كذلك، لم يستقل رئيس بلدية الشبانية ونائب رئيس اتحاد بلديات المتن الأعلى كريم سركيس (شغل سابقاً رئاسة الاتحاد لمدة ست سنوات)، بعد أن كان يستعد للترشح. فمع تغيير القانون، أصبحت معركة سركيس مشابهة لمعركة غاريوس من حيث الحاجة إلى حليف مسلم، ومن حيث اعتزام القوات تبني مرشح حزبي لا دعم مستقلين، لذلك فضل المحافظة على ما يملكه بدل خسارة الاثنين معاً. غير أن عدم استقالة غاريوس وسركيس لن تكون في مصلحة القوات أبداً، فقدرتها لا تسمح لها بالفوز بمقعد إلا إذا أتمت تحالفاً مع الحزب الاشتراكي. فيما تتحدث مصادر كتائبية عن اتفاق شبه منجز بين حزب الكتائب والحزب الاشتراكي في بعبدا. أما «حلف البلديات» الذي مثّله غاريوس على لائحة 14 آذار في انتخابات 2009، فلن يخوض معركة مرشح القوات، إذ تتقاطع مصادر بلدية الحازمية وفرن الشباك والشياح والمتن الأعلى في تأكيد عدم حماستها لخوض معركة انتخابية إذا لم يكن هناك مرشح فعلي يمثلها. لذلك، حتى الساعة، معركة القوات خاسرة إذا لم تؤمن حليفاً قوياً يرفعها، ولا سيما أنه في استطلاع أجري أخيراً، وعند إعطاء المستطلعين 20 خياراً، نال بيار أبي عاصي 8% من المستطلَعين، وحل تاسعاً في ترتيب المرشحين الموارنة، فيما نال غاريوس نسبة 18%. أما عند السؤال عن اختيار مرشح واحد من دون تسمية مسبقة، فاسم بيار أبي عاصي غاب كلياً عن خيارات الناخبين. علماً أن أبي عاصي يستفيد اليوم من وزارة الشؤون الاجتماعية لخدمة أهالي بلدته العبادية، وكل الجرد خصوصاً، حيث هناك ضعف عوني كبير.

وفي بعبدا أيضاً، للكتائب مرشح هو رئيس بلدية ترشيش السابق غابي سمعان الذي كان يفترض أن ينتخب رئيساً مجدداً في الانتخابات الأخيرة، ولكنه حلّ نائباً بعد تعادل نتيجته مع المرشح القواتي جوزيف شعيا، ففاز شعيا بفارق السنّ. وحتى بعد وفاة شعيا، لا تزال البلدية من دون رئيس لأسباب مجهولة، رغم دعوة المحافظ مرتين للانتخابات، ثم إلغائها بضغوط مستقبلية وقواتية على ما يشيعه الكتائبيون. وتتحدث المصادر الكتائبية عن لائحة تضم إلى جانب سمعان النائب السابق صلاح حنين (يحلّ رابعاً في الاستطلاعات بعد نواب التيار الثلاثة) ومرشح الاشتراكي الوزير أيمن شقير. وتفترض أن لائحة مماثلة يمكنها أن تفوز بمرشحين، واحد ماروني والثاني درزي، وهو ما تنفيه المصادر الاشتراكية، مؤكدة أنها لم تحسم تحالفاتها بعد.

على مقلب المردة، لم يقدم رئيس بلدية بزبدين ومنسق المردة في بعبدا بيار بعقليني، استقالته هو الآخر، ويتحدث المقربون منه عن حسم المردة قرارهم بعدم خوض الانتخابات في لوائح ضد حزب الله من جهة وعدم قدرتهم أيضاً على الانضمام إلى لائحة تضم القوات. إنما يمكن بنشعي أن تدعم مرشحاً غير حزبي تماماً كما تدعم فريد هيكل الخازن في كسروان. أما على الجانب العوني، فالأوضاع لم تحسم بعد في ما إذا كان التيار سيعيد ترشيح نوابه الثلاثة (ألان عون وناجي غاريوس وحكمت ديب)، أو سيعمد إلى استبدال اسم أو اثنين تحت عنوان «التغيير» وعدم استهلاك الأسماء عينها مرة ثالثة. فيما المفاجأة هنا تكمن في تحدث مصادر الاشتراكي عن احتمال تحالفه مع التيار وحزب الله إذا ما استُغني عن المرشح الدرزي فادي الأعور. وتحالف مماثل سيشكل تغييراً جذرياً في تفاصيل معركة بعبدا.