Site icon IMLebanon

معركة بر الياس «على المنخار»

لمدينة بر الياس نكهة خاصة بها في الانتخابات البلدية، إذ يختلط فيها حابل السياسة بنابل العائلات وصراعاتها التاريخية. تذهب البلدة الى معركة، في هذه الدورة، بثلاث لوائح متنافسة على مجلس بلدي مؤلف من 18 عضواً، بعدما أسقطت «شياطين التفاصيل» مساعي الوفاق.

معالم المعركة بدأت تتضح من خلال التحالفات العائلية. وما أسقط عنها صفة المعركة السياسية أن كل اللوائح تضم مرشحين لأحزاب وتيارات، خلافاً للمعركة السابقة التي خيضت بتحالفات سياسية أكثر منها تحالفات عائلية. وتجري رياح الانتخابات بما لا يتمناه المرشحون المحسوبون على المستقبل، الذين يريد كل منهم جر التيار إليه، ما خلق حالة من البلبلة وسط قيادة البقاع.

فشل الوفاق أكده لـ»الأخبار» عضو كتلة المستقبل النيابية ابن البلدة عاصم عراجي، موضحاً «أنني حاولت جاهداً لإرساء التوافق في بر الياس وفي قرى أخرى. لكننا لم نصل الى نتيجة، لذا نقف على حياد كتيار مستقبل، ونترك للمواطنين اختيار الأكفأ، ونتمنى أن يختاروا مصلحة بلداتهم لا أن ينجرفوا الى الصراعات العائلية والقبلية».

موقف التيار و»التزامه الحياد»، تُرجِم إثر ترشّح مساعد منسق البقاع الأوسط عثمان الميس من دون إذن قيادته. فالأمين العام للتيار أحمد الحريري اتصل بالميس ووضعه بين خيارين «إما الانسحاب من الانتخابات، أو تقديم الاستقالة من منصبه». لكن الميس لم ينسحب، ولم يستقل. وهذا الاتصال فسّره البعض بأنه محاولة لإعادة تشكيل تحالف جديد بين لائحة إبراهيم الساروط ولائحة رئيس البلدية الحالي سعد الدين ميتا المحسوب على «المستقبل»، لمواجهة لائحة رئيس البلدية الأسبق مواس عراجي، وهو من أقوى المرشحين وخاض في الدورات السابقة معاركه في وجه «المستقبل» وحلفائه، في معركة استعملت فيها كل الأساليب الشرعية وغير الشرعية. فيما يرى آخرون» أن محاولة إزاحة الميس أتت بتمنٍّ من النائب عراجي، كي لا تأخذ المعركة إطاراً سياسياً يعيد الى البلدة اصطفافات هي في غنى عنها».

العائلية و»العشائرية» تغلبتا على المشهد السياسي للمعركة، بعدما انفتح التيار على رئيس اللائحة مواس عراجي، وتأكيد الأخير أنه يقف على مسافة واحدة من كل القوى السياسية، وإعلان الرئيس الحريري أمام فاعليات البقاع الأوسط «أن المستقبل على حياد كامل، ولن يخلق لنفسه عداوات ولن يكون مع مرشح ضد آخر». هذا الموقف لـ»الأزرق» يراه حريريون «هروباً» من خلق بيئة حاضنة للوفاق. «فلا التيار تدخل لضبط إيقاع الترشيحات ولا دفع باتجاه ترشيح الكفاءات، بل اتخذ موقف المتفرج، ما دفع بمحازبيه إلى الترشح من دون العودة إليه، فتوزعوا على ثلاث لوائح، واحدة يترأسها عراجي المنفتح حديثاً على التيار والقريب من قوى 8 آذار، والثانية يترأسها عثمان الميس وابراهيم الساروط، بتحالف المناصفة ثلاث سنوات للميس وثلاث سنوات للساروط (لا يزالان يعملان على استكمالها)؛ أما الثالثة فيرأسها ميتا المقرب من تيار المستقبل والمحسوب عليه، بتحالف مع الجماعة الإسلامية التي تشكل في البلدة قوة ناخبة تقدر بنحو 300 ناخب، حصلت في مقابلهم على عضوين ونائب رئيس.

وتشير مصادر متابعة للشأن البلدي الى أن الميس في صدد تهيئة العائلة لإعلان انسحابه كي لا يخسر وظيفته في منسقية التيار، ما يفتح باب التفاوض بين ميتا والساروط لعقد تحالف المناصفة، بعد غربلة أسماء المرشحين والموعودين بنيابة الرئاسة. وبذلك تصبح المعركة بين لائحتين مكتملتين.

لا يبدو على المرشح مواس عراجي القلق. توحد عائلته، وهي كبرى عائلات بر الياس (يناهز عدد أصواتها الـ 900)، حوّل منزله إلى ما يشبه خلية نحل لاستقبال وجهاء العائلات والعشائر وإعلان تأييدهم له. وهو قال لـ»الأخبار» إن «المعركة جدية وليست سهلة، سواء بلائحتين أو بثلاث. هدفنا التصميم على سلميتها ديموقراطياً لإخراج هذا الاستحقاق من أتون الإرث القديم الذي دفعنا ثمنه غالياً في الخصومات وغيرها» (كانت الخلافات العائلية تصل إلى حد الاشتباكات الدموية أحياناً). وأكد أنه استكمل تحالفاته مع معظم العائلات وتمثيلها في اللائحة بـ 18 عضواً من مختلف القطاعات والكفاءات العلمية وبعضهم حزبيون من المستقبل وغيره، إنما مثلوا على صعيد عائلي، لا حزبي. وأثنى على دور قيادة التيار وإعلانها الوقوف على الحياد.

أما ميتا الذي يواصل عمله في البلدية كالمعتاد، فيجزم بأن المعركة «على المنخار»، ويقول: «سعينا للوفاق وتجنيب البلدة معركة، إلا أن مرشحي كبرى العائلات رفضوا الانسحاب لمرشح وفاقي كفوء». وأضاف: «المعركة كما فيها الربح، أيضاً فيها الخسارة، حاولنا من أجل لائحة توافقية وفشلنا، نحاول اليوم الوصول الى لائحتين، وفي حال فشل المحاولة سنتجه الى المعركة بثلاث لوائح».

يحمّل أحد فاعليات البلدة، سعيد سلوم، فشل الوفاق للقوى السياسية لأنها تركت اللعبة إلى العائلات من دون تدخل لخلق جو وفاقي، وعدم استعمال نفوذها، للوصول الى لائحة تزكية. هذا التملص من المسؤولية صعد من مطالب العائلات الكبرى وعدم تنازلها لأي مرشح وفاقي إنمائي وكفوء، لذا نأمل أن يتم الاقتراع على صعيد الكفاءات والبرامج التي من شأنها خدمة البلدة.