تصطدم رغبة النائب وليد جنبلاط بتوريث مقعده النيابي في الشوف إلى نجله تيمور بعدم رغبة الرئيس نبيه بري والعماد ميشال عون في خوض معركة كسر عظم سياسية بينهما في الوقت الحالي، كلّ لاعتباراته. فأي استقالة نيابية اليوم ستضطر الأخيرين إلى التواجه في انتخابات فرعية لملء شغور مقعد قضاء جزين الماروني
آن أوان لحاق رئيس الحزب الاشتراكي النائب وليد جنبلاط برئيس حزب الكتائب أمين الجميل، عبر تسليم نجله تيمور الشعلة النيابية في الشوف. تأييد الزعيم الدرزي سابقاً للتمديد النيابي، الأول والثاني، وتصويت كتلته معه، حال دون توريثه مقعده لنجله. لذلك، كان لا بدّ من اللجوء إلى رئيس مجلس النواب نبيه بري. إلا أن نيات جنبلاط الصادقة، هذه المرة، اصطدمت بقلة حماسة بري ورئيس تكتل التغير والإصلاح النائب ميشال عون لملء مقعد جزين الشاغر بوفاة النائب ميشال الحلو. وعليه، طوى البيك ورقة استقالته إلى حين اتفاق قوى 8 آذار على صفقة أو صيغة ما لتفادي معركة انتخابية في قضاء جزين على غرار عام 2009. علماً أن استقالة جنبلاط قد تجرّ استقالة مشابهة لها في زغرتا، بعدما أعرب رئيس تيار المردة النائب سليمان فرنجية عن رغبته هو الآخر في التنحي لمصلحة ابنه طوني.
كان يفترض، فور التمديد للمجلس، أن يحدّد وزير الداخلية نهاد المشنوق موعداً للانتخابات الفرعية على المقعد الماروني الشاغر في جزين؛ إلا أن «تفضيل عون وبري تأجيل المواجهة أسهم في عدم تحديد موعد رسمي حتى الساعة»، يقول أحد المقربين من عين التينة. فمن جهة، يفضّل بري التوصل إلى تسوية تحول دون خوض معركة ضد «الجنرال» تفادياً لإحراج حزب الله وتعطيه مقابلاً ما في مكان آخر. ومن جهة أخرى، تتغلب رغبة عون في الوصول إلى بعبدا على رغبته في ملء شغور مقعد نائبه الراحل، لذا لا ينبغي لمرشح إلى رئاسة الجمهورية مخاصمة أحد أركان الدولة وزعيم واحدة من أكبر الكتل النيابية. وفي الوقت نفسه، يفضل الجنرال عدم الإقدام على خطوة تخسره أصواتاً عونية على أبواب الانتخابات الحزبية في نهاية نيسان المقبل، في وقت هو في أمسّ الحاجة إلى شدّ عصب محازبيه وتقصير المسافة معهم.
استقالة جنبلاط
لتوريث تيمور ستشجع فرنجية على التنحي لمصلحة طوني
ولكن، ماذا لو أصدر المشنوق اقتراح مرسوم تحديد تاريخ الانتخابات الفرعية في جزين؟
تدور وقائع المعركة المفترضة في جزين حول مسألتين رئيسيتين، إحداهما عونية والأخرى تتعلق بحركة أمل. في المسألة الأولى، أن المشكلة ليست بين مرشح عون ومرشح بري، بل بين العونيين أنفسهم، وذلك لاعتبارات عدة، منها أن المرشح الماروني المدعوم من الرابية، وخصوصاً من وزير الخارجية جبران باسيل، أمل بو زيد، لا ينتمي الى مدينة جزين، بل إلى بلدة مليخ المحاذية، وهو ما لا يحبذه الأهالي مطلقاً. كذلك لا يحظى بو زيد بتأييد عوني واسع، ولا يمكنه تالياً حشد الحزبيين حوله. ويقول أحد العونيين في هذا السياق إن «مرشح الرابية ليس حصاناً عونياً يراهن عليه، وهو ـ لغاية اليوم ـ ضائع في هويته السياسية. ولا يمكن التكهن إن كان مقرباً من التيار أو من القوات أو أنه كتائبي الهوى أو يميل إلى حركة أمل». أضف إلى ذلك، أن بو زيد لم يعمل في الأشهر القليلة الماضية على تحسين صورته في الميدان الجزيني العوني، ولا تزال حركته المناطقية ضئيلة جداً بالنسبة إلى مرشح جدّي يطمح إلى خوض معركة انتخابية قريبة، الأمر الذي يبرره بعض العونيين بـ»ضمان تبني عون له وبالتالي تعامله مع المسألة وكأنها تحصيل حاصل». فيما يقول آخرون إن شخصية رجل المال والأعمال تحول دون تقبل العونيين له، نظراً إلى التجارب السيئة لهم في هذا المجال، خصوصاً أن نائب جزين العوني زياد أسود يجاهر في الصالونات العونية بأنه سيقف متفرجاً في المعركة الفرعية إذا حصلت، بسبب تعبه من زملائه «غير المناضلين». وعليه، يتابع الناشطون العونيون، أن أسود لن يدير هذه المرة معركة «بريستيج» غيره، ولن يتحمل وزر التسويق لمرشح لامنتج ولاإصلاحي، ولن يدير حملة انتخابية نيابة عن أحد. في رأي بعض عونيي جزين، لا يختلف أمل بو زيد عن النائب عصام صوايا، «ولسنا مستعدين اليوم لتكرار الأخطاء نفسها». يُنشّط الحديث عن عصام صوايا ذاكرة أحد الحزبيين، ليعقب قائلاً: «ما قبل إيعاز الجنرال للعونيين بانتخاب المرشح الذي يختاره ليس كما بعده، وعليه، عندما تقرع أجراس الرابية يلبي جميع المناصرين نداءها، موالين كانوا أو معارضين للمرشح».
أما في ما خص مرشح حركة أمل النائب السابق سمير عازار، فيتحدث مقربون من بري عن تفضيله ترشيح نجله إبراهيم عوضاً عنه إذا قرر خوض المعركة في وجه عون، من أجل إعادة الحماسة إلى قاعدته عبر التسويق لوجه شاب. ويتحدث الجزينيون عن قرار داخل قوى 14 آذار بعدم تبني مرشح ثالث وإضاعة الأصوات، وتفضيلها حشد الناخبين لمصلحة مرشح بري من أجل إسقاط عون في أحد أهم معاقله. علماً بأن عازار الأب «معتكف» عن الساحة الجزينية منذ خمس سنوات، إلا في إطار واجبات العزاء.