في الجولة الثانية للإنتخابات البلدية في جبل لبنان، فاز مَنْ فاز وسقط مَنْ سقط… هناك من سقط صعوداً، وهناك من صعد هبوطاً، فلا تعرف أين هو الصعود وأين هو النزول كمثل مَنْ يصعد من الأرض لينزل على القمر.
في الإنتخابات البلدية، فازت الديمقراطية التي تعطلت بسقوط إنتخابات رئاسة الجمهورية، وسقوط شرعية المجلس النيابي بالتجديد لنفسه، وسقوط ذرائع عدم إجراء الإنتخابات النيابية، وسقوط سلطة اللاسلطة، وسلطة الميليشيات، وسلطة الفساد، وسلطة الدولة المزرعة وفازت سلطة الشعب على سلطة رعاة البقر.
الذين يدبِّجون التبريرات لتدخل الأحزاب السافر في الإنتخابات البلدية، هل هم يعيشون مع الناس في القرى ليعرفوا طبيعة حياتهم وحساسية خصوصياتهم، أو هم يعيشيون في أبراجهم العاجية والروابي العاليات، على غرار روما من فوق؟
مع احترامنا لمستوى الحكمة والحنكة والرؤية التي يتحلى بها أقطاب الأحزاب بما يطرحون من اجتهادات لزج أنوفهم في خضمّ الإنتخابات البلدية، فليسمحوا لنا أن نخالفهم الرأي، وأن نلحظ من خلال النتائج أن تجربة التفاهم البلدية كانت تجربة فاشلة نافرة تصادمت مع نفسها في ثنائية متناقضة وأَضْفَتْ على الإفرازات القروية الضيقة تجييشات حزبية محمومة حرَّكَتْ عواصف معلَّقة ورواسب حزبية راكدة.
أوَ لَمْ يكن من الأجدى أن تُعطى للناخبين الحزبيِّين حرية الإختيار في تحالفاتهم ليخوضوا المعركة باسم أسمائهم العائلية وليس بصفتهم الحزبية الثائرة؟
ألم يكن من الأحجى أن تُطبّق التفاهمات الحزبية عبر الإنتخابات النيابية وفق برنامج وطني وسياسي يحقق أهدافاً مشتركة، ويتعالى عن مشاكل القرى الداخلية وحساسياتها، بدل أن تتغلغل جرثومة الصراع الحزبي الى ثلاثمئة وخمسة وستين ألف ناخب في جبل لبنان، بما يعادل مئة ألف بيت وعائلة على الأقل؟
المشهد الدرامي الذي عرضته الشاشات بالألوان البرتقالية في حلبة المواجهة بين فارس وفارس في جونية، وإن كانت المبارزة فيه بسيوف الخشب وسلاح التشهير والإتهامات، فلا يخدعنا أحدٌ بأن هذه المبارزة الصاخبة، لم تعكِّر كؤوس الشمبانيا التي رفعت في معراب تأييداً لترشيح الجنرال الرئاسي.
ولأن لمدينة جونية في جبل لبنان دلالة مارونية خاصة تشبه ما لمدينة زحلة من دلالة كاثوليكية في محافظة البقاع.
وحرصاً على الزواج الماروني الذي طبَّل في عرسه %86 من المسيحيين وهو لا يزال ينعم بشهر العسل، فإننا نخشى أن يتحّول الى زواج الفنَّانين الذي ينتهي قبل أن يولد، وبعد آخر حلقة من المسلسل الفنِّي يكون الطلاق.