IMLebanon

معركة طريق الصواريخ  في صراع جيوسياسي أكبر

معركة ما بعد داعش بدأت قبل أن تنتهي الحرب على دولة الخلافة الداعشية في الموصل والرقة ومواقع أخرى في العراق وسوريا. الأطراف المتصارعون في المعركة هم أنفسهم الأطراف المتلاقون على اعطاء الأولوية لمحاربة الارهاب وضرب داعش: أميركا وروسيا، ايران والسعودية ووكلاء كل منهما، تركيا واسرائيل، بغداد ودمشق، الكرد والمعارضون المعتدلون. والهدف الذي تدور عليه وتدار به المعركة هو جزء من أهداف الصراع الجيوسياسي الذي تشكّل حرب سوريا فيه مركز الدائرة الممتدة الى أبعد من العراق واليمن ولبنان.

ذلك ان عسكرة الصراع في الأزمة السورية بين النظام والمعارضين الذين نزلوا الى الشوارع مطالبين بالانتقال الديمقراطي للسلطة قادت الى حرب سوريا. والأهداف في الحرب ومنها تنوّعت بتعدّد القوى المنخرطة فيها، وتجاوزت بالطبع الإطار المحلي للحلّ السياسي كما للحلّ العسكري. لكن البارز بين المحاور التي دار ويدور عليها الصراع هو محور الجسر السوري على الطريق الايراني من العراق الى البحر المتوسط في لبنان وغزة. المعادون للمشروع الايراني والمطالبون بتغيير النظام أرادوا هدم الجسر لقطع طريق المشروع. وايران اعتبرت ان سقوط دمشق هو سقوط طهران، وعملت كل ما في وسعها عسكريا وسياسيا واقتصاديا للحفاظ على الجسر والنظام.

ومع الوقت وزخم القتال بدت المهمة متعثرة والتحديات أكبر من قدرة دمشق وطهران ووكلائهما. لكن الانخراط العسكري الروسي في الحرب قاد الى تغيير موازين القوى في اللعبة. ورهان الرئيس باراك أوباما على اتفاق نووي مع ايران وتوازن قوى بينها وبين العالم العربي ضمن نظام أمني اقليمي محروس بتفاهم أميركي – ايراني، وبالتالي رفض أي شيء يزعج طهران، أدى الى تعاظم دور الجمهورية الاسلامية ومكاسبها في ظلّ الدور الروسي الكبير.

والعامل الجديد هو انقلاب الموقف الأميركي بعد وصول الرئيس دونالد ترامب الى البيت الأبيض. فالمعلن في قمم الرياض هو التركيز على ضرب النفوذ الايراني. والبداية هي على جانبي الحدود بين العراق وسوريا ثم في بادية الشام. أميركا تحمي معارضين درّبتهم للسيطرة على المثلث الحدودي العراقي – السوري – الأردني وقطع طريق بغداد – دمشق، بيروت المسمّى طريق الصواريخ، وتقصف ميليشيات تابعة لايران حاولت التقدّم نحو موقع التنف. وروسيا تحمي قوات نظامية وميليشيات تابعة لها في بادية الشام وتقصف المعارضين الذين درّبتهم أميركا حين تحرّكوا صوب مواقع القوات النظامية.

ولا شيء ثابتا في مراحل التحولات كالتي يمرّ بها الشرق الأوسط منذ الربيع العربي. ولا أحد يعرف كيف تتبلور الصورة النهائية في بادية الشام ضمن المشهد السوري الأوسع، حيث الرهان على أن ينهي اللعبة تفاهم أميركي – روسي متعثر حتى اشعار آخر.