Site icon IMLebanon

معركة تكريت تعاكس معادلة ماوتسي تونغ ؟

داعش، حسب طهران ودمشق، صناعة أميركية مدعومة من دول عربية واقليمية. وهو، حسب واشنطن، زراعة محلية تنمو في أرض خصبة وتجذب المتشددين اليها بوسائل عدة بينها ممارسات النظامين الايراني والسوري. ومن السهل استمرار الأخذ والرد حول هذا الموضوع في الخطاب الرسمي وحتى الشعبي. لكن من الصعب تجاهل عاملين مهمين، من بين عوامل عدة ساهمت في ظهور داعش. أولهما الغزو الأميركي للعراق الذي أسقط الدولة، لا فقط النظام، وحل الجيش وأدى بقوة الأشياء الى تهميش السنّة وتهجير الملايين منهم. وثانيهما تعاظم النفوذ الايراني والتقاء المصالح الأميركية والايرانية على تسليم السلطة لحزب الدعوة الشيعي مع ديكور سني وكردي، ثم تركيز الصلاحيات في يد نوري المالكي كرئيس للحكومة، بحيث مارس الإقصاء السياسي وبنى جيشاً فئوياً انهار أمام داعش في الموصل.

واللعبة بين أميركا وايران مستمرة بدهاء. فلا بين الذين يتحدثون عن تفاهم ضمني بينهما من يتصور أن يراهما في رقصة تانغو. ولا بين الذين يركزون على العداء بينهما من يراهن على رؤيتهما في مبارزة بالسلاح. حتى المواقف المعلنة من المعركة الدائرة لاستعادة محافظة صلاح الدين وعاصمتها تكريت من داعش، فإنها كثيرة الظلال. وليس أمراً قليل الدلالات أن يطلب رئيس الحكومة حيدر العبادي من قوات الجيش العراقي وميليشيات الحشد الشعبي الشيعية ومسلحي العشائر السنية إبراز الهوية العراقية للمعركة. فالطاغي على المعركة هو الهوية الايرانية عبر تركيز الأحاديث على دور الجنرال قاسم سليماني. واللافت هو الايحاء ان أميركا تمارس النأي بالنفس عن هذه المعركة، ثم المحاذير التي تحدث عنها رئيس هيئة الأركان الأميركية المشتركة الجنرال مارتن ديمبسي.

ذلك ان ما يرافق الصوت العالي للمعركة هو أصوات عراقية وأميركية وفي بعض العواصم العربية تتحدث عن ممارسات ميليشياوية ضد المدنيين خلال المعركة وبعد استعادة الأرض. الجنرال ديمبسي يحذر من انفراط التحالف الدولي ان لم يتم الخروج نهائياً من السياسة الطائفية في العراق للدخول في استراتيجية وحدة وطنية سبق للحكومة ان التزمتها. لا بل يبلغ الكونغرس ان ميليشيات تدعمها ايران قد تنقلب علينا بعد هزيمة داعش. ورئيس مجلس النواب العراقي سليم الجبوري يتخوف من ان تقود سياسات أميركا وايران الى تقسيم العراق.

والخطير في هذا المناخ الملبّد بالشكوك هو ان نكون أمام نموذج معاكس لنظرية ماوتسي تونغ خلال المسيرة الكبرى في الثورة الصينية.

ماو قلّل تأثير خسارة بعض الأرض عبر معادلة: التراجع في المكان، والتقدم في الزمان. والممارسات الميليشياوية بعد استعادة صلاح الدين من داعش يمكن ان تقود الى معادلة: التقدم في المكان، والتراجع في الزمان.