جميع القوى والفعاليات السياسية والعائلات التقليدية في زحلة تُعدّ العدة لخوض معركة شرسة يراها كل منها معركة وجود. سقط خطاب الوفاق، بسبب الخلاف على تحديد الأحجام، بعدما قررت الأحزاب الثلاثة الرئيسية، التعامل مع الكتلة الشعبية، التي ترأسها ميريام سكاف، بصفتها مكوّناً عادياً حجمه من حجم أي حزب في المدينة، ومع النائب نقولا فتوش، كقوّة هامشية.
بدورها، قرّرت سكاف مواجهة الجميع، وأحرقت أمس كل جسور التواصل. عملياً، باتت تخوض معركتها ضد الأحزاب (على رأسها القوات اللبنانية والكتائب والتيار الوطني الحر)، وكذلك ضد فتوش. هذا فضلاً عن خلافها الذي لم يُحلّ بعد مع المطران عصام درويش. ويبدو أن سكاف تراهن، بصورة رئيسية، على أن فتوش لن يتراجع عن ترشيح شقيقه موسى فتوش لرئاسة البلدية، ما يعني أنها ستواجه لائحتين منفصلتين، لا لائحة واحدة، في تكرار لمشهد انقسام خصوم الكتلة الشعبية عام 2010.
لا مجال للوفاق عند فتوش قبل تراجع التيار الوطني الحر عن دعم زغيب لرئاسة البلدية
القوى المتنازعة أعلنت فشل المفاوضات، وتبادلت التهم بإفشالها. وبدأ الصراع على «بيضة القبان» التي يمثلها الناخبون المسلمون (سنة وشيعة). رئيسة الكتلة الشعبية ميريام سكاف أعلنت أمس في مؤتمر صحافي سقوط مساعي التوافق، والانطلاق لمعركة انتخابية. أكدت أن أسباب الفشل هي في عملية تحديد الأوزان والأحجام، ومحاولة مساواة الكتلة بباقي الأفرقاء، وتقسيم المجلس البلدي إلى أربع كتل متساوية، للكتلة واحدة منها. قالت متوجهة إلى الزحليين ومؤيدي الكتلة: «هل حجمنا خمسة أعضاء؟ طالبنا بعشرة أعضاء، على أن يكون الرئيس حيادياً، رفضوا، لأنهم يريدون أن يبقى قرار زحلة مرهوناً لقياداتهم الحزبية». وتابعت: «أمام سياسة الباب المفتوح ومدّ اليد لتحصين زحلة، فإذا بهم انطلقوا بحرب الإلغاء ضدنا وضد عائلات زحلة الضاربة عروقها في الأرض، أرادوها معركة فنحن لها». وعن احتمال توافق سكاف وفتوش بوجه لائحة الأحزاب، قالت إنها لن تتحالف «مع الفساد». فبالنسبة إليها، «هذا مبدأ وليس موقفاً مرحلياً».
أما في المقلب الآخر حيث ألدّ الخصوم في المدينة للكتلة الشعبية، عائلة آل فتوش، لا يبدو الأمر أقل حماوة. فأي زائر لمكاتب النائب نقولا فتوش وأشقائه، يلحظ جاهزية كاملة لماكينته الانتخابية لخوض المعركة بلائحة كاملة. يرفض العاملون في مكتب فتوش الحديث للإعلام. لكن أحد المقربين من النائب الزحلي قال إن لجوء الأخير إلى ترشيح شقيقه موسى فتوش لرئاسة البلدية، هو رد على حليفه التيار الوطني الحر قبل خصومه. أضاف المصدر: «تشاوروا وقرروا الحصص دون الاتصال بفتوش، فأي وفاق هذا الذي يتحدثون عنه؟». وأشار إلى أن إعلان رئيس البلدية الأسبق أسعد زغيب ترشّحه ودعمه من الأحزاب، هو إعلان معركة ضد العائلات الزحلية، فجاء ترشّح موسى فتوش رفضاً للصفقات التي اتُّفق عليها مع زغيب في حال وصوله إلى المجلس البلدي. وأكد أن «الحديث عن التوافق تصبح له فوائده إذا جرى الاتصال بفتوش وأعلن حليفه البرتقالي أنه ليس معنياً بزغيب وأنه يرفضه كمرشح لرئاسة البلدية».
الهراوي: لمسنا من حزب الله وأمل والمستقبل حرصهم على قرار زحلة المستقل
لا يوحي المشهد في منزل مرشح الأحزاب أسعد زغيب بأي حركة من شأنها ترجمة خوضه معركة شرسة يواجه فيها قطبين أساسيين في المدينة، لهما حضورهما الشعبي ولدى كل منهما ماكينة انتخابية تعمل على مدار السنة وليس في الاستحقاقات الانتخابية وحسب. وفي حديث لـ»الأخبار» لفت زغيب إلى أن السعي إلى الوفاق لم ينته بعد، قد يكون له جولات أخرى، جاء إعلاني الترشيح كي لا يدهمنا الوقت». وقال: «لست ضد أي فريق، لدي تجربة 12 سنة في العمل البلدي، أتمنى على الجميع أن يضعوا نصب أعينهم إنماء المدينة، والمقارنة بين الفترة التي توليت فيها رئاسة البلدية والفترات الأخرى والمشاريع التي أحرزتها البلدية، في وقت كان الرئيس (الراحل للجمهورية الياس) الهراوي ضدي والفترة التي تلتها كان (الرئيس السابق للجمهورية إميل) لحود ضدي، ورغم ذلك استطعت أن أنجز الكثير للمدينة». يستغرب الاتهام الذي توجهه إليه سكاف التي «تقول إنني خنت (النائب السابق الراحل) الياس بيك (سكاف). أتمنى أن تسمّي الأشياء بأسمائها، وهل يعقل أن تحاكم مصير مدينة لأنني لم أصافحها كما تدعي؟». وعن هيكلية اللائحة المزمع تشكيلها وإعلانها بداية الأسبوع المقبل، قال: «نتشاور بالأسماء التي يجب أن تمثل الأحياء وفي آن معاً تكون تمثل العائلات والأحزاب وتكون كفوءة وقادرة على النهوض بالمدينة».
من جهته، قال الوزير السابق خليل الهراوي لـ»الأخبار» إن الاجواء والكلام الذي قيل في مؤتمري سكاف أمس وزغيب أول من أمس يؤكد أن التوافق سقط وتعطل، وأن زحلة ذاهبة إلى معركة. ولفت إلى أن موقف الكتلة الشعبية واضح لما لزحلة من خصوصية. وأشار إلى «الحرص على القرار السياسي المستقل للمدينة، لأن التيارات والأحزاب تنتقل من موقف إلى موقف. وإذا كانت البلدية في قبضة حزب، فإنه يصادر حقها، وهذا ما لا نريد الوصول إليه». ولفت الهراوي إلى أصوات المسلمين الذين باتوا يشكلون بيضة القبان، فقال: «لمسنا من حزب الله وحركة أمل وتيار المستقبل حرصهم على المحافظة على قرار زحلة المستقل».