IMLebanon

معركة بمفعولين: رجعي و… متأخّر  

 

لم يعد في خانة الأسرار أنّ »معركة« مرسوم الأقدمية ليست بنت ساعتها. فهي تقف على تراكمات عديدة، وتتطلّع الى إستحقاقات لاحقة تعقب الإنتخابات النيابية المقررة في ما بعد إنتهاء العمليات الإنتخابية في السادس من شهر أيار المقبل.

 

المعركة هي، بهذا التفسير ذات بعدين:  بُعد المفعول الرجعي وبُعد المفعول المتأخّر. في البعد الأول يمكن الرجوع الى ما أسميناه التراكمات العديدة، منذ أن كان العماد ميشال عون قائداً للجيش في ثمانينات القرن الماضي. الى أن أصبح رئيساً للحكومة التي ألفها رئيس الجمهورية الشيخ أمين الجميّل برئاسة القائد بسبب تعذّر إنتخاب رئيس للجمهورية يخلفه في قصر بعبدا. الى أن وفّر عون (من موقعه في القيادة) التغطية لرئيس حزب القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع لإسقاط »الإتفاق الثلاثي« في 16 كانون الثاني 1986، وكان الرئيس نبيه بري (أمل) شريكاً في ذلك الإتفاق مع الوزير وليد جنبلاط (التقدمي الإشتراكي) ورئيس الهيئة التنفيذية في القوات اللبنانية آنذاك المرحوم إيلي حبيقة الذي كان إرتقى الى موقعه هذا بعد الإنقلاب الداخلي الذي نفذه ضد قيادة القوات (بعد استشهاد المؤسس الرئيس بشير الجميل) بالإتفاق مع جعجع وكريم بقرادوني اللذين عادا فأسقطا حبيقة (…) الى مواقف عون من الوصاية السورية طوال لجوئه القسري الى فرنسا، فيما كان رئيس »أمل« من أركان تلك الحقبة، إن لم يكن الركن الأكبر والأول والأكثر فاعلية فيها، الى عودة عون من المنفى وخوضه الإنتخابات النيابية في 2005 و2009 وبالذات ما حصده من نتائج باهرة في دائرة جزين وهو ما لم ينسه الرئيس بري ولن ينساه ابداً. الى إصرار عون على الرئاسة ووصوله الى قصر بعبدا برغم تولي بري قيادة الجهة المعارضة لعون…. وما حفلت به الجلسة من همروجات ومفارقات لم تكن بالضرورة من باب المصادفة… الى مرحلة تشكيل الحكومة وما تخللها من مطالب وشروط الخ…

أمّا في المفعول المتأخر فمن الثابت أن التيار الوطني الحر يمضي، منذ اليوم، في إتجاه معارضة انتخاب الرئيس نبيه بري لولاية جديدة في رئاسة مجلس النواب، رداً على موقفه في إنتخابات رئاسة الجمهورية. وفي المعلومات المسرّبة كلام منسوب لرئيس المجلس قال فيه في حلقة ضيّقة ليس الغريب ألاّ ينتخبني نواب التيار الوطني الحر وبعض حلفائهم إنما الغرابة في أن ينتخبوني بعد معارضتي وصول زعيمهم الى الرئاسة… إذا صدق الكلام المنسوب لدولته.

تلك أسباب سابقة ولاحقة تبرّر أو توضح أو تضوّي على حدّة الخلاف بين الرئيسين عون وبري، ليس فقط بالنسبة الى مرسوم الترقية بل ربّـما على كل صغيرة وكبيرة. وها هي جلسات مجلس الوزراء (وإلى حدّ ما جلسات مجلس النواب) تبيّن تعذر التقاء الطرفين على أي مشكلة أو مسألة أو قضية أو أزمة أو مشروع أو… مرسوم!

وأمس بالذات طرأ عنصر بارز على »أزمة المرسوم« تمثّل في كلام غبطة البطريرك مار بطرس بشارة الراعي الذي قصد بعبدا حيث التقى الرئيس عون، وأدلى بتصريح أعرب فيه عن إقتناعه بأنّ المرسوم الشهير لا ينطوي على مترتبات مالية، وبالتالي لا ضرورة لتوقيع وزير المال… هذا التصريح يشكل نوعاً من المنعطف في الأزمة، في موازاة كلام صدر عن مرجعية روحية شيعية كان داعماً لموقف بري الذي وُصف كلامه أمس بالذات بأنه من العيار الخفيف واعتبر بمثابة تسهيل المبادرة نحو ابتكار حل لهذه الأزمة.