«بازار» مفتوح لا أحد قادر على ضبطه ما دام الحلّ «الطبيعي» والأسلم من خلال إقرار التعيينات في مجلس الوزراء مؤجّلاً حتى.. العهد الجديد!
تعديل قانون الدفاع بمنح الضباط كافة ثلاث سنوات إضافية في السلك، عاد الى الجارور وأقفل عليه بقفل حديدي. لأسباب عدّة وتقاطعات غير واضحة وأهداف مموّهة، يسلك مشروع ترقية عمداء إلى رتبة لواء طريقه الى طاولات الباحثين عن حلّ.. أو عن مزيد من تقطيع الوقت، مع العلم أن من يروج له ينطلق من نقطة قوة مصدرها قانون الدفاع، الذي، خلافاً للممارسة، لا يحصر رتبة لواء بأعضاء المجلس العسكري.
رأي آخر يقول إن المشروعين يتكاملان، بحيث يندرج الثاني ضمن الاول ليشكّل رؤية مستقبلية لهيكلية الجيش يتمّ من خلالها تأمين التكامل مع السن القانونية للتسريح ومعايير الترقية.
وفي الحالتين، فإن الحدّ الأقصى لإحالة مشاريع التسويات الى التقاعد، في حال عدم التوافق عليها، هو 15 تشرين الاول، تاريخ إحالة العميد شامل روكز الى التقاعد.
في الوقت الضائع، يختصر أمني سابق المشهد بالآتي: «الجريمة الكبرى حصلت حين تمّ التمديد لمجلس النواب وصفّق البعض لها، فيما لم يتمّ الاعتراض عليها كما يجب من البعض الآخر. بعد ذلك أي نوع من الترتيبات غير القانونية، أو التي ليس وقتها، ستبدو مجرد هفوة أمام الخطيئة الاصلية».
لكن العارفين يجزمون أن إقرار رفع سن التقاعد للضباط اليوم من شأنه أن يجنّب المؤسسة العسكرية مأزقا هي مقبلة عليه بدءا من العام 2017، حيث يحال تباعا الى التقاعد في الجيش ضباط دورة 82 و83 و85 و86 (سن تقاعد العميد هو 58 سنة)، مع العلم ان أول دورة تطوّع أجريت بعد العام 1986 كانت دورة 1994، أي بفارق سبع سنوات.
وبالتالي فإن ضباط دورة الـ94 يحتاجون الى نحو سبع سنوات ليصبحوا عمداء، وضباط الـ95 يحتاجون الى نحو ثماني سنوات، ما سيخلق فراغا في كادر العمداء بعد نحو سنتين.
كما ان بعض ضباط دورات 94 و95 و96 أعمارهم كبيرة وقد يخرجون من السلك أصلا برتبة عقيد (يحال العقيد الى التقاعد بعمر الـ56)، لأنهم لم يقضوا فترة الست سنوات التي تؤهّلهم ليصبحوا عمداء.
في المقابل، فإن الترويج لتسوية تشمل عدداً محدوداً من الضباط يمكن ترقيتهم الى رتبة لواء تبدو أهدافه سياسية أكثر منها طلبا لحلّ. في مطلق الاحوال، في صالونات المعنيين بهذا الملف تأكيدات من نوع ان الازمة باتت كبيرة جدا لدرجة يصعب اختصارها بمسكّنات من هذا النوع.
ثمّة مسلّمات تفرض نفسها حين يحكى عن هذه التسوية:
ـ معيار الاختيار هو الاساس. مَن هم الضباط؟ ولماذا؟ وإلا سيجد عدد كبير من الضباط الكبار أنفسهم ممّن أحيلوا من فترة قصيرة الى التقاعد، أو ممّن لا يزالون في السلك ولم تشملهم بالتسوية، وكأنهم كـ «الضابط المخدوع»!
ـ لا ترقية لعميد الى رتبة لواء من دون إسناد وظيفة اليه، وهو أمر ممكن إذا طبق قانون الدفاع الذي يعطي حق الترقية إلى رتبة لواء لقادة المناطق وقادة الوحدات الكبرى ونواب رئيس الأركان (4 نواب) وقادة المدرسة الحربية ومعهد الأركان والقوات الجوية والبحرية والبرية.
ـ استنادا الى قانون الدفاع لا تصدر جداول الترقية إلا في موعدين محدّدين فقط: في الاول من كانون الثاني من كل عام، والاول من تموز، وبموافقة المجلس العسكري. وهذه مشكلة يمكن حلها من خلال إقرار قانون في مجلس النواب.
ـ أي تسوية لا تراعي مبادئ الشمولية والعدالة ومراعاة هيكلية الجيش، ستكون نسخة عن التسويات السابقة التي قادت الى التمديد لضباط قادة من دون وجود موانع مقنعة لعدم حصول التعيينات، ما حرم عدداً من الضباط من حق التقدّم في مواقعهم.
ـ اللغم الكامن في هذا الاقتراح المجتزأ يهدف الى تصوير العماد ميشال عون وكأنه يلهث وراء تسوية تؤمّن فقط استمرارية العميد شامل روكز في السلك الى حين تعيين قائد جيش جديد، فيما الاول عبّر أكثر من مرّة عن رفضه تسويات «على القطعة» والثاني لا يقبل أن يبقى ثانية واحدة في السلك من دون إطار قانوني عادل وشامل.
علماً أن من يسوّق لهذا الحل لا يربطه بضرورة حفظ فرص روكز في الوصول إلى قيادة الجيش، الذي سيتبقى له شهر واحد في الخدمة بعد إحالة قهوجي إلى التقاعد في أيلول 2016، بل بتأجيل المشكلة لسنة، يمكن خلالها أن يتم انتخاب رئيس جديد للجمهورية فتخلط الأوراق كلها من جديد حاملاً معها الحلول لأكثر من ملف، بما فيها قيادة الجيش.
في السبعينيات والثمانينيات كان هناك ما يعرف بعميد أول (رتبة بين عميد ولواء)، وألغيت لاحقا بعد استحداث رتبة لواء، وفق تعديلات قانون الدفاع عام 1984، والتي ظلّت محصورة عرفا بأعضاء المجلس العسكري، فجاء التخصيص من خارج إطار النصوص. مع العلم ان أعضاء المجلس الخمسة (رئيسه قائد الجيش) هم من الطوائف التالية: شيعي، سني، كاثوليكي، درزي، ارثوذكسي. وبالتالي لا ضابط مارونيا برتبة لواء في الجيش.
وبالتالي لا شيء تقنيا وقانونيا يمنع الترقية من رتبة عميد الى لواء، بعد بلوغه اربع سنوات قدما في رتبته، مع العلم ان المعدل الوسطي لضابط برتبة عميد قبل إحالته الى التقاعد هي بين 4 و7 سنوات.
وحتى اليوم لم تتّضح بعد خريطة الضباط المشمولين باحتمال الترقية الى رتبة لواء، ولا المعيار المعتمد، وسط غموض «بنّاء» يتقصّده فريق «تيار المستقبل» الرافض الاساس لمشروع رفع سن التقاعد للضباط ثلاث سنوات، ولتسوية الترقية الى رتبة لواء.
وإذا تمّ الأخذ بمعيار الاقدمية، فإن ثمّة ضباطا موارنة يسبقون روكز، لكن الاخير سبق ان حصل على قدم استثنائيا للترقية بعد أحداث مخيم نهر البارد وأحداث عبرا، وقريبا يحصل على أقدمية جديدة من ضمن أقدميات ستمنح لعدد من الضباط والعسكر بعد أحداث عرسال والشمال.