IMLebanon

بشارة الأسمر إلى «رئاسة العمالي»: عودة الابن الضال

 

 

يعود اليوم بشارة الأسمر إلى رئاسة الاتحاد العمالي العام التي أُبعد عنها لأسباب لا تتعلق بكفاءة تمثيله للعمال ومصالحهم، بل لأنه أطلق «نكتة» تعبّر بشكل ما عن اقتناعاته الشخصية والدينية. يعود بعد إعلان «التوبة» وتلقّيه «غفران» البطريرك الماروني بشارة الراعي، برعاية رئيس مجلس النواب نبيه بري، أي إنه لا يزال ضمن السقف السياسي والطائفي المرسوم له منذ انتخابه. إنها عودة «الابن الضال».

 

مضى عام وشهران على تلك النكتة التي أطلقها بشارة الاسمر يوم كان رئيساً للاتحاد العمالي العام. نكتة فرضت عليه الانكفاء عن نمط حياة امتدّ بين آذار 2017 وأيار 2019. كان نجماً تلفزيونياً «ينطنط» من وسيلة إعلامية إلى أخرى، مغلّفاً ولاءه السياسي بعبارات وكلمات تحابي العمّال. لم يسجّل أي إنجاز في موقعه النقابي، ولم يكن متوقعاً منه ذلك أصلاً. لم يحاول إصلاح الاتحاد العمالي العام الضائع في دهاليز «حزب المصارف»، ولم يسلك يوماً طريقاً تحرج أصحاب العمل، ولم يختر يوماً خطاباً يقسو فيه على أرباب عمله. كل ذلك لم يشفع له عندما أطلق تلك «النكتة». قامت الدنيا ولم تقعد. زجّ به في السجن لأكثر من أسبوع. أقيل من موقعه في قيادة الاتحاد العمالي العام. فسخ وزير الاقتصاد في حينه منصور بطيش عقده في إهراءات القمح في بيروت… افتُعل الكثير به. لكنه ها هو اليوم يعود إلى قيادة الاتحاد. عودة الابن الضال تأتي بعد جولات اعتذار أدّاها للبطريرك الماروني، وبعد مساع انتهت بلقاء رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري (كما أسرّ الاسمر إلى مقرّبين منه). انتهى الأمر بعودته إلى وظيفته السابقة: دمية الاتحاد العمالي العام. المشكلة، أن قوى السلطة لم تجد، وقد لا تجد، دمية أفضل. فبعد كل معاناته منهم، عاد إلى أحضانهم. أعادوه لأنهم بحاجة إلى وجه «مسيحي» في قيادة الاتحاد، بحسب أعضاء في الاتحاد. وأعادوه لأن هذه الفترة بالتحديد ليست مناسبة أو ملائمة لوجه جديد قيد الاختبار. الدمية هي أفضل الوجوه. وقد أُعيد لأنه في فترة غيابه لم يُسمع صوت الاتحاد، حتى لو كان صوتاً مزيّفاً وفاسداً. أُعيد لأن قوى السلطة تحتاج إلى من مثله اليوم، في عزّ الانهيار.

إعادة تعيينه أو انتخابه في قيادة الاتحاد العمالي العام «أفضل من ولا شي» على حدّ تعبير أحد القيادات العمالية. عودة قد تعدّل المشهد قليلاً، لكنها لن تغيّر من طبيعة الزيارات التي قام بها أصحاب العمل إلى الاتحاد لعرض «رشوة» ما بدلاً من التعرّض لضغط العمال المطالبين بتصحيح عادل الأجور. ربما سيتقلّص وهج سيطرة رئيس هيئات أصحاب العمل محمد شقير على الاتحاد العمالي العام. على الأقل، قد تساق الأمور في الظلام. سيضطر شقير إلى تقديم اعتراضاته على سلوك الأسمر ورعونته أثناء «التمشاية» في قصر عين التينة، وقد يكون مضطراً إلى زيارة البطريرك أيضاً. وربما يتخلّى عن طموحات رئاسة الحكومة لزيارة الرئيس حسان دياب. من يعلم. ستكون الأمور مختلفة بوجود الأسمر. مختلفة قليلاً، بالشكل لا بالمضمون.

 

أعادوه لأنهم بحاجة إلى وجه «مسيحي» في قيادة الاتحاد

 

أما في الاتحاد، فالتركيبة ستبقى نفسها. هيكل فارغ لا يمثّل 5% من العمّال، ويقع تحت سيطرة مباشرة للمكتب العمالي لـ«حركة أمل»، بينما يسعى التيار الوطني الحرّ لنيل حصّة ما فيه. أما «حزب الله» فهو يقف دائماً في ساحة الانتظار. القوات اللبنانية ممثلة بجورج علم ستبقى «مع الواقف» تساير «أمل» وتناصب الخصومة لكل الآخرين. الباقون غير مهمين. منهم ممثل تيار المردة أنطون أنطون. مساعيه لرئاسة الاتحاد انتهت، لكنه لا يزال مستشاراً لوزيرة العمل، الوزارة الوصيّة على الاتحاد العمالي العام. في 3 نيسان الماضي، استحصل أنطون على قرار من الوزيرة لتأسيس اتحاد النقابات العمالية للبناء والتعمير في لبنان. لبنان ينقصه مثل هذا الاتحاد. لمَ لا؟ اتحاد إضافي ينضمّ إلى لائحة قوى السلطة في الاتحاد العمالي العام.