Site icon IMLebanon

الى كندا… وامعتصماه!

إذا كانت تظاهرة الفلسطينيين الخميس وتظاهرة اللبنانيين قبلهم بأسبوع أمام سفارة كندا لا تحركان الساسة اللبنانيين والقيادات الفلسطينية لأنّهم تماسيح أو جبناء يراوغون للاستمرار بالمتاجرة بالناس، فحبذا لو تستجيب كندا فتلبي طلب الصارخين: وامعتصماه!

وإذ نعلم أنّ اللبنانيين “يهجّون” أكثر من أي وقت مضى لأنهم يعانون الأمرّين من وضع مزرٍ أوصلنا اليه الحاكمون جيلاً بعد جيل، سواء بفشلهم السياسي أم بتواطئهم لجني المكاسب (و”تواطؤ” وصف مهذّب لسلوك “الحرامية”)، فإنّ موضوع الفلسطينيين أشدّ حساسية وفجاجة لمزجه صعوبة العيش بمشكلة اللجوء والشعور بالاستهداف وانسداد افق النجاة عبر تأشيرة الى مكان محترم في ديار الله.

وفلسطينيو لبنان الذين ملأوا الدنيا هتافات ردّاً على تنفيذ قانون ينظم عملهم، يجدون أنفسهم محاصرين بين مأساة عيشهم في المخيّمات وبين عدم قدرة الدولة على غضّ النظر عن ممارستهم للأعمال، كون البطالة فرضت خيار الأولويات.

غير أنّ التوجّه إلى سفارة كندا يحمل معاني أبعد بكثير من الضائقة المزدوجة التي وقع الفلسطينيون في شباكها. وهو دليل على يأسٍ من كل شيء.

يأس من قدرتهم على التأقلم والعيش في بلد النزوح لأنه لا يزال نهباً لعدم الاستقرار وتردي الاقتصاد، ولأن ديموغرافيته تحوّلهم حمولة زائدة او ورقة في مهب التنازع الطائفي.

ويأس من الشعارات التي جعلت المخيّمات غابات سلاح يتنازع فيها المتطرّفون النفوذ مع الموالين للسلطة الفلسطينية أو يتنافسون مع “حماس” وحلفاء المحور الإيراني، وكلّه تحت راية الكفاح لتحرير فلسطين والعودة إلى الديار.

ويأس من الأنظمة العربية “التقدمية” التي زايدت عليهم ومارست بحقهم أبشع صنوف القمع. ومخيّم اليرموك قرب دمشق مثال وشاهد، إذ قتل فيه وحده من الفلسطينيين أكثر ممّا قتله الصهاينة منذ اغتصبوا أرض فلسطين وأقاموا دولتهم في 1948.

ويأس من الدول العربية التي تقتّر عليهم بالإقامات وتفضّل العمّال الهنود تجنّباً لـ “وجع الراس”، ويعبّر بعض أصحاب الرأي في تلك الدول عن عنصرية لا تميّز بين وافد يعمل لكسب العيش ومتظاهر شتمها في أحد المخيّمات بتحريض من أحد الاطراف.

أكثر من الخبز والعمل يريد من تظاهروا أمام السفارة الكندية، عن وعي أو في اللاوعي، بلداً تحترم فيه حقوق الإنسان ولا يشعرون فيه بالتمييز الديني أو المذهبي او العرقي ويأمنون فيه على مستقبل أولادهم. وليس مصادفة أن كثيرين من شركائهم في المأساة أبوا إلا المانيا مكاناً للجوء، أما هم فتوجّهوا إلى سفارة دولة في القارة الأميركية أي في الغرب المسيحي الذي لا يتوانى منظرو الإسلام السياسي و”يسار السيكار” عن شتم رأسماليته بكل عيار.

ألا يطرح السؤال: لماذا لم يتظاهر هؤلاء، أمام سفارتي تركيا أو إيران طلباً للهجرة أو التعليم او المساعدات او طلباً للنجدة ممن يدعون وراثة الخلافة او الولاية على السواء؟