Site icon IMLebanon

كُنْ أنتَ أمّ الصبي

يراهن العقلاء من اللبنانيّين على أن “حزب الله” لن يُجيز لنفسه، أو لسواه، الانزلاق بـ”الوطن الرسالة” إلى حيث يرى البعض أن لا رجعة منه إلا إلى الحرب الأهليّة المذهبيّة الهستيريّة، بكل أخطار نتائجها على ما تبقّى من هذا اللبنان.

وإلى حيث لا عودة لبلد صغير في الجغرافيا، كبير في التاريخ والتنوّع والنظام الديموقراطي البرلماني الذي يكاد يكون وحيداً في المنطقة العربيّة، والمرشَّح بدوره ليصير في خبر كان.

لقد وفّى “حزب الله”، على امتداد هذه السنين، الكثير من قسطه للعلى والواجب تجاه سوريا والعراق، وربّما اليمن أيضاً. وحتما تجاه إيران وما يخدم قضاياها وتطلعاتها المكثَّفة.

وقد بات لزاماً عليه، عند هذا المفترق المليء بالألغام والألغاز، أن يفرش جناحيه فوق لبنان، لبنانه الواقف على شوار القلمون، وشوار اللاذقيّة، وشوارات المدن والبلدات والدساكر في سوريا والعراق، وكل بلد عربيّ تدقُّه شوكة، أو يُدقّ فيه نفير الحرب…

انطلاقاً من الثقة التامة باستيعاب السيد حسن نصرالله، وإدراكه التام لحجم الأهوال المحيطة بـ”مستوعب الثماني عشرة طائفة”، يتوجّه العقلاء الواضعون أيديهم على قلوبهم صوب الأمين العام للحزب بمصارحة لا بدّ منها، وإن كان يحيط بها، مناشدينه عدم التورّط والانزلاق في حرب ليست له ولا للبنان.

وفي اعتقاد هؤلاء أن الحزب سيختار طريق الصواب، فينقذ نفسه وينقذ لبنان من ورطة مجهولة النتائج.

ومع أخذ العلم بكل ما يحيط بالوضع العسكري في القلمون، وبما “يحيط” بالحزب من عوامل وأسباب لا مجال للخوض فيها الآن، نرى أن السيد نصرالله يدرك أكثر من كل المزايدين كما المعترضين ضخامة المسؤولية التي سترتدّ حتما إلى الداخل اللبناني، وفي الحالين معاً.

لا أحد يحاول أن يعطي دروساً في الوطنيّة والمسؤوليّة. لا أحد يدّعي أنه أحرص من الطائفة الشيعيّة. فالشيعة ليسوا في حاجة إلى شهادات، فهم من الأسس البنيويّة والتاريخيّة في صيغة لبنان وصمودها وديمومتها.

والأمين العام لـ”حزب الله”، ذو الرؤية الشاملة، يحافظ طبعاً على هذا الحرص، ومراميه، وتاريخه، وتراثه، وسيفعل كل ما يؤكّده.

فما من قائد آخر يدرك إدراك حسن نصرالله المنزلَق الذي يُستدرج إليه لبنان بحكم ما آلت إليه التطوّرات الأخيرة في سوريا والعراق واليمن والمنطقة.

وهذا يجعلك، يا سماحة السيد، أميناً، لا على الحزب والشيعة فحسب، بل على مصير لبنان نفسه، وبكل مكوّناته وتعدّديته. مسؤوليتك لا هوادة فيها: إحمِ لبنان من هذه التجربة. واحمِ الصيغة اللبنانيّة من تجربة مريرة قد تؤدّي إلى انفجار كبير.

ولنلتفت إلى هموم الداخل. إلى الفراغ الرئاسي، وكل الفراغات.

سماحة السيد، كن أنت أيضاً أم هذا الصبي الذي يُدعى لبنان، والمعرَّض للفسخ.