لشدّة سوء حظّ اللبنانيين هذا العام تزامن موسم السّباحة مع أزمة مالية تمنع كثيرين منهم من الدّخول إلى المسابح الخاصّة، وقرار وزير الداخلية بمنعهم من السّباحة في البحر بذريعة التلوّث. ومع عودة الصيف بدأت بعض المسابح تعلن عن أسعارها، وأعلن أحدها عن أسعار بطاقات الدخول التي بلغت 80 ألف ليرة لبنانية للراشد و50 ألفاً عن الطفل الواحد. ما استدعى موجة الاستغراب والسخرية من مواطنين وجدوا أن الأسعار لا تبدو منطقية في ظل أزمة إقتصادية. بينما دعا نقيب أصحاب المجمعات السياحية البحرية والأمين العام لاتّحاد المؤسسات السياحية، جان بيروتي، عبر “نداء الوطن” المواطنين إلى عدم الحكم على كل المؤسسات بناءً على مشكلة في مؤسسة، مؤكداً استعداد النقابة للتدخّل لحل أي مشكلة.
وأشار بيروتي أن نحو 90% من المسابح لن ترفع أسعار بطاقات الدخول، بل وأنّ بعضها يفكر بخفض الأسعار، مشيراً إلى أن أصحاب المسابح يحاولون تأمين كلفة تشغيلها لمجرّد الإستمرار وتجنّب الإقفال، كقول أحدهم: “أريد دفع ثمن الكلور، مقبلون على موسم لا شغل فيه وإنما سنفتح لمجرد أن نفتح. فنحن نشهد مرحلة جديدة لم يعرفها لبنان، والمرحلة التي عرفناها انتهت لخمس سنوات مقبلة”. أمّا عن أسعار الطعام، يشير بيروتي إلى أنه عقد اجتماعاً مع وزير السياحة، رمزي مشرّفية، جرى خلاله الاتفاق أنه في حال جرى رفع الأسعار فضمن إطار فرق الكلفة لا الأرباح. ويعلن النّقيب أن نسبة ارتفاع الأسعار لن تتجاوز الـ30% في حين أنّ نسبة ارتفاع الكلفة قد بلغت 70%. كذلك يشير بيروتي إلى أنّ المسابح ستحاول التأقلم مع الأزمة من خلال التعديل في لوائح الطعام، لا رفع الأسعار. إذ ستخفّض عدد الأصناف وتتخلّى عن تلك التي تحتوي على مكوّنات لا يمكن السّيطرة على أسعارها. ويبدو أن بعض أطباق المازة اللبنانية ستكون ضحية هذا الاستبعاد، “نعدل بلوائح الطعام ليتمكن الزبون من السباحة وتناول الطعام بشكل مقبول، والأسعار ما زالت مقبولة حتى اليوم”.
ويبدو بيروتي أكثر حرصاً من وزارة السياحة على ضبط الأسعار، انطلاقاً من مصلحته وحرصه على استمرارية عمل المسابح، ولإدراكه بأن المواطن لم يعد يملك المال للسياحة في لبنان. في حين يقول مستشار وزير السياحة، مازن بو درغام، لـ”نداء الوطن” بأن وزارة السياحة لا تتدخل في تحديد الأسعار، “بالنسبة إلينا النظام الاقتصادي في لبنان حر ولا تحتسب الوزارة سعر هامش الربح، أصحاب المؤسسات يحتسبون المبلغ الذي يريدونه والزبون صاحب القرار والرقيب الوحيد… عجبو بفوت ما عجبو ما بفوت”. أما دور وزارة السّياحة فهو مجرّد المصادقة على لوائح الطعام من دون التدخّل بالتّسعير. وهنا يشير أبو درغام إلى أنّ سبب تسطير محضر ضبط بحق الـ”غراند كافيه” لم يكن سعر المنقوشة الذي بلغ عشرين ألفاً وإنما لأن لائحة الأسعار لم تكن مصدّقة من قبل الوزارة.
في هذا الوقت يترنّح القطاع السّياحي ومن ضمنه المسابح نتيجة الأزمة المالية. بينما تتكاسل “حكومة الإنجازات” في اتّخاذ الإجراءات اللازمة لإعادة النهوض بمختلف القطاعات، من بينها القطاع السّياحي الذي يمكنه جذب الدولارات إلى لبنان. ويبدو أنّ بيروتي قد يئس من المحاولة بعد نحو شهرين ونصف الشهر من مطالبة الحكومة باتخاذ قرارات تنقذ القطاع ومنها الاعفاءات الضريبية، ويقول: “تعاني الحكومة من فقر حال، ولم يعالج أحد منهم لبّ الموضوع، قلنا لا تعطونا لكن لا تأخذوا منا”.
من جهته يميّز أبو درغام بين وزارة السّياحة وبين الحكومة، إذ يؤكد أن الوزارة قامت بواجبها فيما علقت الأمور لدى مجلس الوزراء. “كوزارة قدمنا ورقة إعفاءات ضريبية للقطاع، وطلبنا من مصرف لبنان تقديم تسهيلات لأصحاب القروض، لكنّ الاعفاءات لم تقرّ على الرغم من اطلاع رئيسي الجمهورية والحكومة عليها وتكليف وزير المال اعداد تقرير وهو ما حصل، لكنّ الوزراء فضّلوا التريّث في إقرار الإعفاءات للقطاع السّياحي بانتظار التحضير لمنح اعفاءات لكل القطاعات بقرار واحد. وكنا نفضل البت بالإعفاءات على مراحل لأن القطاع السياحي لا يمكن أن ينتظر”. ويكشف أبو درغام أنّ الوزارة قد اخذت وعداً من القطاع السياحي بالاستمرار في دفع نصف راتب للموظفين مقابل الاعفاءات الضريبية، ويبلغ عدد العاملين في القطاع نحو 155 ألفاً. وكما يطالب المواطنون والعاملون في القطاع كذلك تطالب وزارة السّياحة الحكومة عدم التأخير في إصدار الإعفاءات، “لأنه اذا مات هذا القطاع انتهى البلد”، وفق المستشار.
في هذا الوقت يؤكد بيروتي أن المسابح ستستمر بالقبض عبر البطاقات المصرفية. بينما يبدو أنّها ستواجه مشكلة في الاستمرار في الإعلان عن عروض عبر بعض المواقع كـ”مخصوم”. إذ يشير النقيب أنها تأخذ لقاء الإعلان عن العرض نصف المبلغ، وهو ما لم يعد للمؤسسات قدرة على دفعه.