Site icon IMLebanon

«الدب» الروسي هل ينزلق إلى «المغطس» السوري؟

هل نزل روس «القيصر» بوتين في سوريا؟ ولماذا؟ وإذا لم ينزلوا فلماذا التهويل بهم؟ ولماذا ربط هذا التحوُّل بالبحث عن حل سياسي؟ وما هو موقف واشنطن الحقيقي من هذا الحدث الانقلابي استراتيجياً؟

هذه الأسئلة «غيض من فيض»، لكنها تنتظر إجابات غير موجودة حالياً، لأنّ التطورات الميدانية والمفاوضات السرّية المقفلة هي التي تقدم الإجابات المنتظرة ما يلزمها لتتشكّل وتتكوّن مقدّمة لأن تصبح الصيغة النهائية للحلول.

من المهم أولاّ الربط بين هذا التصعيد الروسي وانعقاد القمّة الأميركية السعودية. يبدو أنّ موسكو استشعرت أنّ القمّة طرحت ملف سوريا من زاوية جديدة تزرع الحل. لم يعد ممكناً للرئيس باراك أوباما الجلوس في مقعده في البيت الأبيض ومتابعة الاقتتال الدموي. لا يمكن لموسكو القيصر أن تتناسى أنّها ورثت من الاتحاد السوفياتي الوجود في سوريا، وأنّ عليها الدفاع عنه في زمن «الحرب الباردة» الصغيرة.

«القيصر» ضخَّم من نزوله العسكري في سوريا ليكون حاضراً في البحث عن الحل السياسي. ما يهمّ «القيصر» الجيش السوري. بقاء هذه المؤسّسة يُبقيه. مهما بدا «القيصر» متعلقاً ببقاء الأسد فإنّ الأهم له بقاء الجيش، هذا التوجُّه يريح كل القوى ما عدا «داعش»، لأنّه ثبت بعد تجربة العراق وحتى ليبيا أن بقاء سوريا معلّق على هذا النجاح.

«الدب» الروسي لم يخرج من سوريا ليعود إليها اليوم. لكن فرق كبير بين أن يكون موجوداً على الأرض في قواعد محدّدة، وبين أن ينزل في «المغطس» السوري. حتى الآن لم يشارك «الدب» في المعارك. مشاركته تعني أمرين: إمّا أنّه أجرى اتفاقاً مع الولايات المتحدة الأميركية، وأنّ هذه المشاركة يجب أن تنتهي بدفن «داعش» وإخراج الأسد، أو أنّه نزل متحدّياً «النسر» الأميركي. وفي هذا تحوُّل خطير لطبيعة «الحرب الباردة» الجديدة. الأميركي لن يتدخّل لكنه لن يترك «بيت» دبابير في الشرق الاوسط الا ويطلقه على عنانه. ما حصل في أفغانستان للسوفيات سيكون تجربة مصغرة لما سيصيب «الدب» الروسي في سوريا. «داعش» لن يكون وحده. كل المكوّن السنّي في المنطقة سيشارك في الحرب.

تسريع الحل السياسي هو الحل في سوريا. حتى إيران لا يمكنها أن تقاتل إلى ما لا نهاية. ما لم تنزل في «المغطس» السوري مباشرة فإنّه لم يعد بإمكانها إنقاذ الاسد. «حزب الله» قدم أقصى ما يمكنه من قوّات. اقتراب الشتاء يقلّص من قدراته وطاقاته. الميليشيات العراقية والأفغانية والباكستانية تدعم لكن لا يمكنها التقدّم وتثبيت مواقعها. إيران التي تستعد لتوقيع الاتفاق النووي بعد أسابيع قليلة لن يمكنها التصرّف حتى في سوريا دون الالتفات إلى الموقف الأميركي. واشنطن لا يمكنها الاستقالة من الشرق الأوسط. «النسر» الأميركي سيبقى دائماً في سماء الشرق الأوسط. أطرف ما في الموقف الإيراني حالياً أنّه يدعو إلى ترك الحرّية للسوريين لتقرير مصيرهم، وكأنّ وجوده في سوريا إنساني واجتماعي وليس حربياً ألقى زيت المذهبية على نار الحرب.

تدفّق السوريين الهاربين من الجحيمين الأسدي و»الداعشي» على أوروبا، أيقظ حكوماتها وشعوبها من لا مبالاتهم ممّا يجري وسيجري، ومن تحوُّل هذين الخطرَين إلى خطر يصيب الأمن القومي لكل دولة أوروبية في عمقها وقلبها. أربع سنوات من اللامبالاة عملياً، تكفي. لم يعد يفيد الكلام. إعلان الرئيس فرانسوا هولاند الانخراط في الحرب الجوّية ضدّ «داعش» الذي «وسّع نفوذه هو لمعرفة ما يحضّر ضدّنا وما يجري ضدّ الشعب السوري». وضع هولاند «داعش» والأسد في الهدف ينقذ الشعب السوري وأوروبا..

في جميع الأحوال بدأ التفاوض لإطلاق عملية سياسية لصياغة حل سياسي في سوريا. لا يعني ذلك أنّ الحل سيكون قريباً. ربّما يبذل الرئيس باراك أوباما جهداً ضخماً مع موسكو وطهران والرياض لصياغة حل يبقي على سوريا ويرضي القوى المعارِضة وفي قلبها المكوّن السوري ويقدّم ضمانات حقيقية للأقليات خصوصاً العلوية منها. ربما اوباما لن ينجح، لكنه على الأقل يكون قد «زرع» ليحصد الرئيس الأميركي المنتخب في ربيع 2017.

المبكي – المضحك في كل الحلول أنّها تنتج «تطييفاً» (من الطائف) للنظام السوري الجديد ولاحقاً العراقي واليمني، في وقت يريد جزء مهم من اللبنانيين إسقاط نظام «الطائف« والبحث عن نظام جديد لا يعرف أحد صيغته.