IMLebanon

جلد الدب!

 

فيه الكثير من ظواهر البازار، السباق المحموم بين الروس والإيرانيين على «النفوذ» الاستثماري في سوريا تحت لافتة «إعادة الإعمار».. وهذا للمفارقة يبدو أشدّ وضوحاً وصلافة وتمسحة، من السباق على «النفوذ» السياسي وعلى تناتش الادّعاء بأبوّة «الانتصار» في حرب لم تنتهِ!

 

علي أكبر ولايتي، أحد مستشاري «المرشد» عاد بالأمس إلى نغمة أولويّة الدور الإيراني في تطور أمور النكبة السورية إلى اللحظة الراهنة القائلة باختصار شديد، إنّ «الإرهابيين والتكفيريين» انهزموا.. وإن روسيا لولا إيران «ما تمكّنت من فعل شيء» في المنطقة عموماً! وليس في سوريا وحدها!

 

وكلامه الطنّان الرنّان هذا، يحمل بدوره وجهاً داخلياً إيرانياً مُضافاً إلى وجههِ السوري. تماماً مثلما فعلَتْ صحيفة «قانون» الناطقة باسم «الأخصام» الإصلاحيين ورئيسهم الشيخ حسن روحاني!

 

تلك استخدمت خصال بشّار الأسد «ناكر الجميل» في سياق المجادلة مع جماعة «تصدير الثورة»، وهو (أي ولايتي) يردّ بتكبير الحجر ويُحمّل الروس أولاً وأساساً (ووحدهم!) مسؤولية الضنى المزدوج الذي تعانيه بلاده. أولاً لجهة إقصائها عن «كعكة» الإعمار. وثانياً لجهة سكوتهم أو تطنيشهم أو مباركتهم للحملة التركية الذاهبة إلى عفرين والآيلة إلى إنشاء «حزام آمن» بعمق ثلاثين كيلومتراً وبطول يوازي تقريباً خط الحدود بين سوريا وتركيا.

 

وتراه أكثر «دقّة» في التشخيص.. باعتبار أنّ طهران تعرف مثل موسكو، أنّ الفزّاعة الخشبية المزروعة في حقل هذه النكبة، لا حول لها ولا قوّة ولا من يحزنون أو يفرحون! وإن اسمها الحركي (الأسد)، لم يعد يملك شيئاً من سلطة القرار في المسائل الاستراتيجية، أكانت تتصل بمصيره شخصياً. أو بمسار العملية التفاوضية. أو شكل «الحلّ» المطلوب. أو حركة الميدان. أو ما يسمّى «إعادة الإعمار».. بل يؤكّد ثقات كثر، أنّه لم يعد صاحب القرار حتى في المسائل العادية الإجرائية والتقنية الخاصة بالكثير من شؤون بقايا الدولة ودوائرها. بالإضافة الى أنّ التناتش الروسي – الإيراني وصل إلى الحلقات الأمنية والعسكرية الضيّقة لجهة المسؤوليات والتشكيلات والمناصب.. إلخ!

 

.. وعليه يُعيد ولايتي«النقاش» الإيراني حول الفشل الخارجي إلى معطى أكبر بكثير من الأسد وخصاله المعروفة. ويرمي المسؤولية في ذلك، على الروس وليس على غيرهم! لكنّه لا ينتبه، تبعاً لكثافة غبار «الإنجازات» الموهومة، إلى أنّ «نزول» هؤلاء في سوريا أساساً ما كان ليتم لو أنّ «مستشاري» إيران وميليشياتها المذهبية المتعددة الجنسيات نجحوا في صدّ ثورة السوريين على مدى سنوات! أو تمكّنوا (وحدهم) من لجم اندحار السلطة في معظم الجبهات! أو لو أمكن استراتيجية «تصدير الأنوار» إلى الخارج، أن تحفظ للإيرانيين مسارهم التنموي ومتطلّباتهم الأساسية، وتنفّس أسباب ودواعي خروجهم إلى الشارع وعلى «الشرعية» بكل مراتبها ورموزها وصفوفها!

 

يجمع عنوان الفشل بين المتخاصمين الإيرانيين وإن اختصموا على من يتحمّل مسؤولية ذلك وأسبابه.. وهذه «خلاصة» ما كان ينقصها سوى الإمعان الروسي في تشغيل ماكينة الحصاد في سوريا تبعاً للمصالح الكبرى التي تتلاءم مع سياسات صاحب الكرملين أولاً وأخيراً. ومن ذلك تأكيد امتلاكه سلطة القرار في الصغيرة والكبيرة وصولاً إلى شفط كل «الكعك» المفرود على الطاولة!

 

إلا أنّ الطرفين يستعجلان الأمر! ويختلفان على جلد الدبّ قبل اصطياده: يفترضان أنّ الحرب انتهت أو تكاد، فيما هذه فرضيّة بلفيّة وغدّارة ولا تتناسب مع حسابات إقليمية ودولية كثيرة.. و«طويلة» المدى!