وللمفارقة أنّه في الوقت الذي كرّر فيه ترامب وصفه للأسد بالحيوان، أنّب روسيا لأنّها «تحالفت مع هذا المجرم الذي يقتل شعبه ويلتذ بذلك» كان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي لا يقلّ إجراماً عن بشّار الأسد يمارس سياسة التجاهل وادّعاء التزام القانون متأمّلاً «أن يسود المنطق السليم العالم، وأن تتغلب لغة العقل في تسوية الخلافات الدولية»، أين كان هذا العقل السليم عندما دخل بوتين مستنقع الدماء السوري؟!
وحتى يزداد المشهد تعقيداً ظهر على خطّه بالأمس علي أكبر ولايتي كبير مستشاري خامنئي للتلفزيون السوري ومن الغوطة الشرقية ليعلن أنّ دولته شريكة القتل في سوريا «سنقف بجانب حكومة سوريا ضد أي عدوان أجنبي، إيران تدعم سوريا في الحرب ضد أميركا والنظام الصهيوني»، هنا علينا أن نسأل كيف ستدعم طهران حكومة دمشق وتقف إلى جانبها في هذه اللحظة المجنونة في المنطقة؟ هل ستورّطنا في فتح جبهة من جنوب لبنان والجولان في حال تطوّرت الأمور إلى أكثر من ضربة محدوده، من قرأ بالأمس كلام الرئيس نبيه برّي عليه أن يتوقّف مليّاً عند تلميحه إلى حرب مدمّرة لن يكون لبنان بمنأى عنها، مع أنّ لبنان لا شأن له في مجازر ارتكبها نظام الأسد بنفسه!
لا يستطيع عاقل أن يُنكر الإحساس العام اللبناني بالقلق والخوف من اللحظة الآتية على المنطقة من الآن وحتى نهاية الأسبوع، وأن لا أحد يملك إجابة عن كلّ التساؤلات التي يطرحها اللبنانيّون حول الضربة الأميركية، وإلى أي مدى لبنان فعلاً بمنأى عن مفاعيل ما يحدث، ثمّة سؤال مقلق يجب طرحه، الحاجة إلى شركاء لأميركا في هذه الضربة تعني أنّها أكبر وأخطر من أن تكون مجرّد إطلاق بضعة صواريخ على مقرّات وطائرات عسكرية فارغة في سوريا، الأمر أبعد من ذلك، في الحقيقة دونالد ترامب يعيش مأزق داخلي بعد مداهمة مكتب محاميه الخاص والقبض عليه، هو ككلّ الرؤساء الذين سبقوه يحتاج إلى توجيه الأنظار إلى مكان آخر!