نحن مع الاضرابات والإعتصامات والتظاهرات، فهذا حق كفله الدستور والقوانين اللبنانية المرعية الاجراء، وهذا يدخل في إطار حرية التعبير بالكلمة والممارسة.
نحن مع الاضرابات ولكننا ضدّ الشغب.
واليوم يدعون مجدداً الى الإعتصام والتظاهر في وسط العاصمة، وفي منأى عن أحقية المطالب المرفوعة، وفي ضوء ما شهدته العاصمة بيروت ليل الاحد – الاثنين (أمس وأول من أمس) نسأل: من يضمن عدم تكرار أعمال الشغب؟!.
قد يكون الداعون الى الإعتصام والتظاهر في وسط العاصمة غير معجبين بالحكومة ولا بمجلس النواب، وهذا حقهم الذي من غير المسموح أن يناقشهم به أحد… ولكن هل يدرك هؤلاء الشباب المتحمّسون أنّه سيتعذر تشكيل حكومة وإجراء انتخابات نيابية في غياب السلطة التشريعية وفي ظل الفراغ الرئاسي؟
وإذا كان من حقهم أن يطالبوا بما يشاءون في إطار القانون، إلاّ أنّه من الأجدى أن يطلبوا المعقول، «إذا كنت تريد أن تُطاع فاطلب المستطاع»، وفي غياب رئيس الجمهورية ليس مستطاعاً تشكيل حكومة، وفي غياب الحكومة ليس مستطاعاً إجراء انتخابات نيابية.
ومعاذ الله أن نظن أنّ الشباب يريدون الوطن «داشراً» متروكاً لمصيره المجهول من دون حكومة ومجلس نيابي.
وفي المطلق، ألا يعرف هؤلاء الشباب، الذين نحيي حماستهم ونشدّ على أيديهم، أنّ القرار ليس في أيديهم، وهذا كلام نقوله بأسف شديد، إلاّ أنه واقع، ذلك أنّ تقاطع التطورات والمصالح الدولية هو الذي يحول دون إجراء انتخابات رئاسية في لبنان.
وفي وقت نتبنّى كل المطالب الحياتية المطروحة لجهة معضلة النفايات، والتيار الكهربائي، وتأهيل الطرقات، وتوفير المياه في الصيف خصوصاً، نود أن نلفت المعتصمين الى أنّ الحملة على قوى الامن الداخلي ليست في محلّها، فرجال هذه المؤسسة لم يبادروا الى العنف، إنما حرصوا على القيام بواجبهم لحماية السراي الكبير… وهذا أضعف الإيمان.
وتبقى كلمة أخيرة: انّه من المؤسف حقاً أن يكون ما حدث ليل الأحد – الاثنين قد حرف هذا الحراك الوطني الصحيح عن مساره السلمي والنظيف، وعسى الذين يقودون هذا الحراك أن ينقوا صفوفهم من المدسوسين.