أعجبني جداً جداً تصريح لمسؤول روسي يحتج فيه على وجود 20 قاعدة عسكرية أميركية في سوريا، طبعاً من دون تحديد أماكن هذه القواعد وأي تفاصيل أخرى في شأنها لجهة نوعها والسلاح فيها وعدد الضباط والجنود الخ…
والسؤال: ماذا عن قاعدتي حميميم الجوية وطرطوس البحرية الروسيتين في سوريا؟ وماذا عن الأسطول البحري الروسي الذي يجوب شواطئ سوريا؟ ويقال إنّ عقداً على مئة سنة هو ما اتفق عليه الروسي مع النظام السوري بالنسبة الى مدى بقاء قاعدة طرطوس.
إنّ هذا أكثر ما ينطبق عليه المثل السائر: يرى الشعرة في عين الآخرين ولا يرى الجسر في عينه.
الى ذلك، يفاخر القادة الروس بأنهم حققوا إنجارات كبيرة على الصعيد العسكري في سوريا، وهنا برزت طائرة “السوخوي” (التي تعتبر “دبّابة جويّة”) والتي أسقطها صاروخ أميركي… الى الدبابات الحديثة، والأهم من هذا كله شبكة الصواريخ من طراز “S400″، وبسبب التجارب الناجحة في سوريا بادرت إيران وتركيا وربما سواهما الى شراء هذا النوع من الصواريخ.
والأميركيون أيضاً استغلوا المأساة السورية ليفتحوا سوقاً كبيرة للسلاح… وهي سانحة لا يتصوّر أحدٌ أنّ موسكو وواشنطن لن تستغلاها.
وحسب تقارير عسكرية فإنّ البلدين الأكبرين لم يبيعا سلاحاً، عبر زمن طويل، كما باعا السلاح هذه الفترة الى بلدان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا…
وليس صحيحاً أنّ أميركا وروسيا تريدان إنهاء الحروب في المنطقة (سوريا، العراق، ليبيا واليمن)… خصوصاً في هذه المرحلة إذ يعاني الاقتصاد العالمي أزمات كبرى، والدول المنتجة للسلاح تجدها مناسبة لتسعير الحروب و… بيع السلاح!
نعود الى المربع الأول: إنّ هذه الحرب في سوريا لها أهداف خصوصاً صفقات طائرات الـF15 والـF16، أما الأهداف الاقتصادية فأبرزها مسألة الغاز والنفط، وبحسب تقارير شركات عالمية فإنه في الرقة (السورية) يوجد أكبر حقل للغاز والنفط في المنطقة.
وهذا يذكرنا بمرحلة ما قبل الغزو الاسرائيلي للبنان في اعتداء 1982، كان رجل أعمال سوري يعمل في النفط، جاء بشركات أميركية وسواها الى الرقة للبحث عن الثروة الباطنية هناك من الغاز والنفط… ولكن الاميركيين لم يريدوا أن يكشفوا حقيقة كميات الغاز والنفط الضخمة، كي لا يستغل الرئيس المرحوم حافظ الأسد هذه الثروة ليرتقي بسوريا الى مصاف الدول الكبرى… خصوصاً أنّ حافظ الأسد استطاع أن يعطي سوريا دوراً كبيراً في المنطقة، كما أنه خاض حرب تشرين 1973 (مع مصر وبمساعدة ومؤازرة الكويت والسعودية والأردن والجزائر والعراق والمغرب) وبتلك الحرب غيّر وجه التاريخ.
عوني الكعكي