IMLebanon

لأن أمن الخليج يسبق كل الأولويات لا رئاسة والحوار يبحث في الانتقال إلى بند آخر

وسط الضوضاء التي يعبق بها الشارع على وقع الحراك المدني، استكملت طاولة الحوار الوطني نقاشها حول بند رئاسة الجمهورية الذي يحل أوّل على جدول الاعمال، من دون تحقيق أي تقدم، فيما كل المعلومات الواردة من السرايا الحكومية تؤكد غياب مجلس الوزراء، أقله الى ما بعد 2 تشرين الاول المقبل، موعد عودة رئيس الحكومة من زيارته الاميركية.

لم يكن المشهد من ساحة النجمة ومن محيطها أمس أفضل حالا مما كان لدى انعقاد الجلسة الاولى للحوار الوطني.

فالجلسة عقدت على وقع الصراخ المدني خارجاً، ولم يصل الى مسامع المتحاورين أي صدى لهذا الصراخ الذي تحول بقدرة قادرين ومندسين، الى حركة عشوائية غير منتجة، آثارها السلبية على الاقتصاد وعلى البلاد أكبر بكثير من تأثيرها على السلطة التي يستهدفها الحراك.

والمقلق ان مشهد الامس مرشح لأن يتطور ليواكب الجلسة المقبلة، وسط مخاوف حقيقية لدى بعض القوى السياسية، وفي مقدمها النائب وليد جنبلاط من أن يُستدرج الحراك الى تفجير الوضع الامني في البلاد.

يرسم مرجع سياسي بارز مشارك في طاولة الحوار صورة قاتمة جدا للوضع الداخلي في ظل الارتباط الوثيق للملف اللبناني بملف التسوية الاقليمية التي لا يزال دونها مخاض عسير لم تتبلور ملامحه بعد.

عبثاً يجد المرجع مخرجاً للاستحقاق الرئاسي في المدى المنظور بما أن الرئاسة تنتظر المنطقة، وجرس التسوية لم يقرع بعد. كما أن أولويات المنطقة لا تدرج لبنان من ضمنها. فالاولوية اليوم بحسب المرجع، تعود الى موضوع أساسي يتعلق بأمن الخليج في ظل ما تشهده دول الخليج من اضطرابات تهدد استقرارها الداخلي.

وبعد الخليج، تحلّ الازمة السورية التي تحتاج الى مزيد من الوقت في ظل الحرب الباردة الاميركية – الروسية على طول المساحات السورية. ولن يكون للبنان مكان قبل هاتين الاولويتين، علما أن طرفي الاصطفاف السياسي الداخلي يقيمان على رهانات خاصة بكليهما من الازمة السورية، ويعولان على الوقت لنجاح هذه الرهانات وفق حساباتهما الخاصة.

بالتزامن، تستكمل طاولة الحوار جلساتها، وهي على موعد مع جلسة ثالثة الثلثاء المقبل. وقد حرص رئيس المجلس على ألا يباعد مواعيد الجلسات لتأكيد جدية المناقشات والمساعي لمواكبة الملف الاقليمي بجهوزية داخلية قادرة على تلقف أي تطور قد يستجد من خارج الاجندة التقليدية.

ويجهد بري حالياً بحسب ما ينقل عنه المرجع البارز، من أجل ايجاد آلية تحكم النقاش حول جدول الاعمال، ذلك أن عقدة الرئاسة لن تكون قابلة للحل في المدى القريب وسط الانقسام الحاد حيال مسألتي أي أمر يسبق: انتخابات رئاسية تفرز حكومة جديدة ومجلساً نيابياً جديداً أو قانون انتخاب جديد أو تعديل دستوري يتيح انتخاب الرئيس من الشعب، كما يطالب العماد ميشال عون الذي يرفض الاعتراف بشرعية المجلس الممدد له؟

انه سجال عقيم وقد يطول ويعوق الانتقال الى البنود الاخرى الواردة على جدول الاعمال، وثانيها يتعلق بعمل مجلس النواب وثالثها بالعمل الحكومي.

يكشف المرجع عن آلية يجري العمل عليها، وقد بدأت ملامحها تتبلور من خلال مقررات جلسة الحوار الثانية. اذ طلب بري في الجلسة امس من المتحاورين أن يتقدموا باقتراحاتهم الخطية لمناقشتها تمهيداً لانهاء النقاش اذا لم يتوصل الى نتيجة مثمرة.

عندها، يعلن بري الانتقال الى البند اللاحق. لكن المعلومات تشير الى أن رئيس المجلس سيتجاوز بند تفعيل السلطة التشريعية لئلا يعتبر أنه قفز فوق بند الرئاسة لتفعيل مجلسه، وسينتقل الى بند تفعيل الحكومة ليعود بعدها الى البند الثاني على أن تبقى الأولوية دائماً لبند الرئاسة.

ولوحظ أن مقررات جلسة الحوار الثانية تناولت بند الرئاسة من باب المقاربات السياسية والدستورية المطروحة “لكيفية حصول اختراق في بند انتخاب رئيس للجمهورية وغيره من المواضيع، ومحاولة البناء على القواسم المشتركة في المداخلات لتوسيعها في الجلسات المقبلة”. فيما تناول المجتمعون الوضع الحكومي من باب “دعم الحكومة لتنفيذ القرارات المتخذة لمعالجة الملفات الحياتية الاساسية”، وهو ما يؤشّر لاعطاء الحكومة الغطاء السياسي لتنفيذ خطة رفع النفايات من الشارع، والتي يتوقّع ان تبدأ الجمعة المقبل وفق المعلومات.