أتّهمُ السلطةَ كلها بالمسؤولية عن الاعتداء على الزميل محمد زبيب. فخفافيش الليل الذين تربّصوا به في شارع الحمراء عقب إلقائه محاضرة هم مجهولون معلومون، ولو لم يكونوا مطمئنين الى قدرتهم على الإفلات من العقاب لما أقدموا على فعلتهم.
أتّهمُ السلطة، على الأقل، بالتواطؤ، أو التغاضي الذي أدّى إلى الاعتداء، لأنها خصمُنا الحقيقي الشرس والمعلن خصوصاً في معركة الحريات، وخصمُ محمد زبيب الصوت العلماني الصارخ منذ سنوات في وجه “الأوليغارشية”، وهي المفردة الأحبّ الى قلبه والأقرب الى قناعاته والتي تختصر أزمتنا الراهنة بطغمة السلطة والمال.
لم تعتدوا على محمد زبيب لأنكم بلا أخلاق، هذا أمر مفروغ منه، بل لأنه أول من فضح بالعلم وبالأرقام التواطؤ بين الطبقة السياسية الفاسدة وحاكم مصرف لبنان وجمعية المصارف، ولأنه الأكثر صدقاً وصدقية في تناوله تفاصيل تآمركم على أكثرية الشعب اللبناني بكل طبقاته، تنفيذاً لسياسة محاصصة النهب الطائفية المرتكزة على تزوير الأرقام وتضليل الرأي العام والتلويح بالفتنة الدائمة والخراب.
إنّني أتّهمُ السلطة لأنها تعرف جيداً أن محمد زبيب هو أحد أبرز الصحافيين في ثورة 17 تشرين العاملين لتعميم الحقائق عبر تبسيط المفاهيم والذين وضعوا الإصبع على الجرح العميق تحت شعار “يسقط حكم المصرف”، ولو أننا نضيف اليه: لتسقط سلطة الزعران برمّتها وليسقط كل ما يبرّر وجودها، وليسقط معها كل سلاح يمنع قيام الدولة واستعادة اللبنانيين حقهم الشرعي في العيش ببلد طبيعي آمن.
أتّهمُ السلطة لأنها اعتقلت مئات الثائرين فيما أفرجت عن مطلق النار على المتظاهرين في جل الديب، ولم نرَ في سجونها أي معتدٍ على المحتجين من بيروت الى البقاع فالجنوب، ولأنها مارست إطفاء العيون بالرصاص المطاطي وتحشر شباب الانتفاضة في غرف التحقيق بتهمة تعكير الأمن أو اقفال الطريق او منع انعقاد مسرحيات المجلس النيابي، وتتفرج على الفاسدين الناهبين يقطفون جنى عمر المواطنين.
أتّهمُ السلطة بمسؤوليها السابقين والحاليين بالتواطؤ لقمع ثورة الكرامة التي يخوضها الشعب اللبناني وبإنكار حقه في الاعتراض على سلب حقوقه بالتناغم مع محاولات قمع ثورة الشعب العراقي.
المكمن والاعتداء بالضرب ضد صحافي يجسدان مرحلة جديدة من العنف سنقابلها بمزيد من الإصرار على انتزاع الحقوق من سالبيها، وبالسعي الى محاسبة كل مرتكب ضد ثائر أو صحافي أو صاحب رأي. هي معركة طويلة، لا تراهنوا فيها على يأس أو خوف أو تعب اللبنانيين. أنتم الفاسدون والحرامية وكشفنا عُريكم بعدما دلّ اليكم قلم محمد زبيب.