IMLebanon

قبل تعميم الانهيارات!

لا ندري ماذا تخبئ جولات الحوار في مجلس النواب من معطيات تحمل القدرة على انعاش الرهان الميت على لبننة خالصة لأزمة الفراغ الرئاسي من شأنها أن تضع حداً للتلاشي المتسارع للجمهورية، دولة ومؤسسات ومجتمعاً سواء بسواء. ولكن على رغم العتمة التي تغلف كل افق ممكن لانتخاب رئيس الجمهورية في المدى المنظور سيرتب انهيار التجربة الحوارية الطالعة تبعات شديدة الخطورة خصوصاً وسط انفجار الازمة الاجتماعية مما لا نظن أن احداً يخفى عليه معنى هذا الانهيار ما لم يخرج الحوار بشيء ما يحدث ثغرة في الواقع المحتقن. يكفي للدلالة على حراجة المعترك الذي يظلل جولات الحوار النظر الى مسائل شكلية ورمزية تواكب هذه الجولات قبل التوغل في دلالات المأزق السياسي. يتحول وسط بيروت الى قلعة امنية حصينة في بقعة امنية تطوق مجلس النواب، وتتحول الساحات اللصيقة الى مسارح للعن الطبقة السياسية وشيطنتها بما لا سابق له. هذه المبارزة لا تحتمل ترف الاطالة في الحوار متى تبين أن “النقاش” الرئاسي لن يغادر المربع المنبري العقيم الذي يستنزف الوقت من دون طائل والذي من شأنه كذلك أن يقضي قضاء مبرماً هذه المرة على “مؤسسة” الحوار الرديفة لمجلسي النواب والوزراء.

قد يصح أن “المؤسسة السياسية” برمتها لا تستشعر خطراً فوق العادة في تهاديها على وقع الجولات المتعاقبة على خلفية تأهيل المناخ السياسي الداخلي لتلقي ذاك الشيء الموعود الآتي مع تحولات المنطقة حاملاً معه رياح الحل للأزمة الرئاسية اللبنانية. ولكنه “سمك في البحر” واقعياً لان شيئاً مما يجري الآن في المنطقة لا يشكل ضمان الحد الادنى حيال اقتراب لبنان من أن يغدو اولوية في اجندات الكبار الدوليين والاقليميين. وتبعاً لذلك يقترب لبنان بسرعة من مفارقة ستعمم الخسائر والانهيارات في كل الاتجاهات. لا “السلطة الحاكمة” حاكمة ولا الشارع المعتمل بالسخط والنقمة قادر على التغيير. وكما الحكومة والمجلس صارا في نهايات خط العجز ليس ثمة ما يشكل ضماناً للشارع من أن يبلغ مصيراً مماثلاً في الاستنزاف متى تمادى التحرك الاحتجاجي من دون أن يقترن تحركه بنتائج حقيقية وعاجلة اقله على صعيد حمل السلطة فعلاً على حل بعض الازمات الاجتماعية الاكثر ايلاماً للناس.

بذلك سيكون الحوار امام مسؤولية تنافس في اولويتها المسألة الرئاسية على الاهمية الحاسمة لهذه الازمة وهي مسؤولية فتح ثغرة ولو محدودة في الواقع المؤسساتي المختنق. لن يكون الامر هنا خاضعاً للحسابات الطوائفية اطلاقاً لانه يعني الهرولة قدماً نحو مقتلة سياسية اذا كان ما سيلي الحوار كما سبقه بل أسوأ. اقله سيملي الامر”تواضعا” يبدأ باعادة الاعتبار الى حكومة معطلة ومجلس متبطل يقف عند مشارف دورته العادية عاجزاً عن تبرير رواتب اعضائه.