صديقي،
قبل أن تتوجه إلى بلدتك وتحديدا إلى صندوقة الانتخابات البلدية والاختيارية، خذ في الاعتبار أنك لم تتوقف عن «النق» والشكوى طوال السنوات الست المنصرمة، ولديك ملاحظات لا تحصى على أداء مجلسك البلدي، كما على مرشحين جدد جل هدفهم «قم لأجلس مكانك».
قبل أن تختار مرشحيك وتدلي بصوتك، اخْتَلِ صديقي العزيز بنفسك، وانْسَ بأنك تنتمي إلى قبيلة وعائلة أو «جب». ضع وراء ظهرك تعليمات زعيمك أو توجهات حزبك، وتغاضى عن مصالحك الذاتية ولو لحظات قليلة.
تَذَكَّرْ بأن هذه المشاركة الانتخابية هي آخر ما بقي لنا في دولتك العظيمة التي تجعل منك مواطنا كاملا وتُبقي لك الحق في تقرير مصيرك ومصير أولادك خصوصاً بعد «إلغاء» الانتخابات النيابية مرتين…
تذكر أنها المشاركة الفعلية الوحيدة التي قد تتمكن عبرها من تبديل بعض واقعك المحلي المزري بدل أن تكتفي بعرض ملاحظاتك عبر وسائل التواصل الاجتماعي التي لن تبدل في أحوالك نهائيا.
اخْتَلِ بنفسك وفكر: هل أن من تنتخبه يعرف واجباته ويدرك حقوقه ومطلع على مسؤولياته؟ هل قرأ القوانين والمراسيم والأنظمة المتعلقة بالعمل البلدي؟
اسأله هل اطلع يوماً على قانون البلديات ليدرك صلاحياته؟ هل يعلم كيف تُعَدُّ موازنة البلدية؟ وهل يدرك بأن الشفافية المالية تجاه ناخبيه هي من أول واجباته؟ هل سمع مثلاً عن قانون النظافة؟ هل يشعر في قرارة نفسه بأن المركز البلدي هو للخدمة وليس للوجاهة؟ هل يدرك بأن المسؤولية المحلية الناجحة هي الحجر الأساس في بناء دولة المواطن؟ هل هو مقتنع بأن العمل البلدي الرائد نقيض الزبائنية السياسية؟ هل يقر قولا وفعلا بأن المنحة البلدية وبكل أنواعها هي حق والخدمة واجب وأن التطور العمراني في النطاق البلدي يفترض أن يتكامل مع تطور الواقع الاجتماعي؟ هل أخذ علما بدور البلدية في مراقبة المدرسة الرسمية ومساهمتها في تطورها؟ هل وهل وهل؟
صدقني أنك بأمس الحاجة لهذا التمرين لكي تدرك قيمة صوتك وأهميته ولكي لا تقلل من إمكانية أن تحدث مشاركتك الجدية تغييرا ولو طفيفا أنت بأمس الحاجة إليه، وإذا تراكم يصبح ضرورة للبلد؟