IMLebanon

قبل الوصول الى الاسوأ؟!

لم يعد احد يصدق ان ثمة نهاية للازمات التي يمر بها لبنان،  لاسيما بعد العاصفة التي نجمت عن وقف المساعدات السعودية وتأثيرها على مجمل علاقة لبنان بدول مجلس التعاون الخليجي التي بلغت ذورتها بما يشبه قطع العلاقات ومنع رعايا تلك الدول من مقاربة لبنان بأي شكل من الاشكال، اضف الى تأثير ذلك على وجود اكثر من ستمائة الف لبناني يعلون هناك، من غير استبعاد تعرض هؤلاء للابعاد بما في ذلك من قطع ارزاق غير مستبعد في حال تطورت الامور الى اسوأ مما عليه الى الان (…)

صحيح  ان وراء كل ما حصل تصرف غير منطقي ولا معقول من جانب حزب الله الذي وصل به الامر الى حد معاداة السعودية بكل ما تمثله من ثقل دولي واقليمي، لمجرد اعتبار ذلك من دلائل العلاقة بين الحزب والجمهورية الاسلامية في ايران، فضلا عن مؤثرات دخول حزب الله طرفا في الحرب في سوريا وعلى سوريا جراء عملية غير محسوبة الا في ما له علاقة بالاضرار التي لحقت بلبنان وعلاقته مع دول شقيقة وصديقة؟

صحيح ان وراء ما حدث اجراءات سعودية خاصة بالمملكة لكن حزب الله وايران شجعاها على التصرف بعكس ما يجسد حسن العلاقة مع لبنان المعروفة بأنها تاريخية ومتطورة في الاتجاه الذي خدم مصلحة لبنان لسنين طويلة وليس من ينسى كيف ساعدتنا المملكة في ظروفنا السياسية والاقتصادية والمالية الصعبة، لاسيما عندما فتحت ابوابها امام الالاف من اللبنانيين للعمل والارتزاق، مع العلم ايضا ان السعودية فضلت العمالة اللبنانية على كل ما عداها وهي التي ساعدت لبنان في محن الحرب المتواصلة التي تسبب بها حزب الله؟!

كذلك ليس من بوسعه القول ان الخطأ في العلاقة بين لبنان والسعودية تسبب فيه حزب الله، حيث ان لبنانيين تجاهلوا ما كان عليهم فعله قبل ان تتطور الامور باتجاه الاسوأ. وهذا الكلام لا يراد به تخطي  بعض ما هو معقول بالنسبة الى حسن العلاقة الوطيدة بين لبنان والمملكة على اساس ان ثمة مصالح خاصة كانت مفضلة لدى البعض على العلاقة بين اكثر من فئة لبنانية درجت على ملاحقة مصالحها الخاصة في غير مكان، حيث كانت اهداف لما كان على اللبنانيين التحسب له من غير ان يفعلوا المطلوب منهم!

من حيث المبدأ ليس بوسع احد القول ان حزب الله المسؤول مباشرة عن الخلاف مع السعودية مسرور لما آلت اليه العلاقة المشتركة مع لبنان، ما يعني انه كان على المسؤولين اللبنانيين التحسب لما حصل قبل ان تتطور الامور سلبا خصوصا ان وراء حزب الله مصالح دولية واقليمية ومذهبية جعلته يتجه في غير ما يرى فيه مصلحة لبنانية عامة مفضلا عليها مصالح خاصة اثبتت التجارب انها اقوى من ارتباطه بلبنان وبأرض لبنان وشعب لبنان، واظهرته انه لا يبحث عما يفيد لبنان عندما خاض الحرب في سوريا والعراق نزولا عند رغبات راعيته ايران!

المهم في المجال الذي وصلت اليه العلاقة من توتر مع المملكة العربية السعودية ان ثمة صعوبة في رأب الصدع السياسي والاقتصادي والمالي معها، الى درجة تحتم القول بضرورة مراجعة جامعة الدول العربية واصدقاء السعودية من اشقاء واصدقاء ليس لمجرد العودة عن قرار وقف العمل بالهبات المقررة للجيش ولقوى الامن الداخلي، بل لتجنب الوصول بالعلاقة المشتركة  مع لبنان الى القطيعة طالما ان حزب الله في غير وارد العودة عما يلحقه من اذى سياسي واعلامي بالمملكة وهذا من ضمن ما هو مرشح لان يقوم به تباعا من  غير التوقف عند الامور التي تسيء الى العلاقة بين لبنان والمملكة (…)

ماذا يمنع مصر مثلا من تولي عملية وساطة مع السعودية  تنطلق من مفهوم سياسي وواقعي لما هو عليه حزب الله حيث لا قدرة في المطلق امام الدولة اللبنانية لان تسيطر عليه لتمتعه بقدرات عسكرية وشعبية تتعدي قدرات الجيش اللبناني، لاسيما ان الحزب كان ولا يزال يعرف انه عندما يتصرف بعكس نهج الدولة لن يسمع تصرفا بامكانه ان يضعه عند حده، اضف الى ذلك ان من ضمن حسابات حزب الله قيام حرب في لبنان لن تكون الغلبة فيها لغيره لانه يملك اسلحة تتعدى في حجمها ومفعولها ما لدى الجيش، مع ما يعنيه ذلك من استعداد لان يدمر  البلد في حال  كان اعتراض داخلي على تصرفه المخالف لكل ما من شأنه تحقيق مصالح سوريا وايران في لبنان والمنطقة؟!

لذا، من الضروري البحث عن حلول للازمة تنطلق من حوار وطني يحدد المخارج التي لا بد من ان تفيد الحزب من غير الاضرار بالمصلحة الوطنية العليا، قبل ان تتطور الامور بإتجاه الاسوأ؟!