…
العالم يموج يُسرة ويمنة… بداية سنة حافلة ومرعبة، مراكز الرصد السياسي لا يعرفون من أين يبدأون، التطورات تسابق كل التوقعات، وميدان المفاجآت لم يعد محصوراً في ساحة واحدة أو دولة واحدة، ملعب التطورات في كل ساحات العالم: من اليمن الى السعودية الى سوريا الى ايران الى فرنسا وبريطانيا وموسكو الى سائر العواصم، معظم مناطق العالم يُشار اليها بالأحمر على الخارطة الدولية. فأين يقف لبنان منها؟
لبنان لا يعرف أين يقف! سلطة تنفيذية مبتورة، ضياع كامل وسلطة تشريعية عاجزة، ادارة مترهلة… وكان الله في عون المواطنين، لكنهم صامدون، لبنان لا يعرف من أين يبدأ سنته الجديدة؟ هل يبدأها برصد التطورات العربية أو الاقليمية أو الدولية؟ يقف بأسى واسف امام ما يجري، فهو يعرف انه كلما اشتدت الازمات في الخارج كلما اشتد الخناق حول رقبته السياسية.
أين نحن من استحقاقاتنا؟
في أيار 2014 لم يكن حجم ملفات العالم على هذا القدر من الأهوال:
لنتطلّع أين اصبحنا بعد عام وسبعة أشهر على الفراغ والشغور؟
فرنسا منهمكة بالارهاب الذي طرق أبوابها.
الولايات المتحدة الأميركية منهمكة ببؤر التفجُّر في كافة انحاء العالم.
الصراعات في المنطقة في أوجها، ونشعر بأننا عدنا الى أواخر السبعينيات من القرن الماضي لجهة اقتحام السفارات. والسؤال الذي يطرح نفسه: هل خرجت كل الصراعات عن ضوابطها؟ وهل قواعد الاشتباك قد تغيّرت؟ وهل أصبحنا في حروب من دون قواعد؟ وهل هي الفوضى غير الخلاقة؟
اللبناني يطرح هذه التساؤلات وفي قلبه غصة وصمود:
خرائط العالم تتغيّر وتتبدّل، تنحسر وتتمدد، خطوطها والوانها وحدودها تميد تحت ارض راسميها، ونحن في لبنان لا نعرف رسم مسار النفايات التي سيتم ترحيلها! استحقاقات العالم تسير وفق توقيت ساعة سويسرية ونحن في لبنان لا نعرف توقيتا لشيء وفي شيء.
فعلى سبيل المثال لا الحصر، فإن هناك سباقا وصراعاً وتنافساً بين مَن يعملون لرئاسة الجمهورية، وبين مَن يتقاعسون: لعلّ الرئيس سعد الحريري هو أكثر المتحمسين للإنتهاء من هذا الملف الذي يقضّ مضاجع المؤمنين بهذا الوطن، موفده الى بكركي الدكتور غطاس خوري يقول بالفم الملآن:
المبادرة الرئاسية المطروحة لا تزال مستمرة، على الرغم من اعتراض بعضهم على الاسماء، واذا كان هناك أحد ممن لديه حق الشفعة بالرئاسة، يمكنه ممارسة هذا الحق، فإذا كان يملك عدد الاصوات الكافية في المجلس النيابي لانتخابه رئيسا، فلينزل الى المجلس النيابي وعندها سنبارك له. لا أحد يطرح فكرة انزال رئيس للبلاد، فهناك مؤسسات دستورية وأهمها المجلس النيابي الذي هو ممر الزامي لانتخاب رئيس، وهنا لا بد من القول ان المستفيد الأكبر من انتخاب رئيس للجمهورية هو لبنان.
هل من كلام اوضح من هذا الكلام نيابة عن الرئيس الحريري؟
مع الرئيس الحريري هناك البطريرك مار بشارة بطرس الراعي الذي يحمل الهمّ ذاته، همّ الفراغ الرئاسي ووجوب ملئه، ولذا هو لا يتوانى عن القول: الجماعة السياسية في لبنان بلغت ذروة اللامبالاة لعدم انتخابها رئيس للجمهورية وتعطيل مصالح البلاد.
هل من صراحة أكثر من هذه الصراحة؟
حقاً نريد ان يكون وطننا على الخريطة وبجهودنا الخاصة الداخلية… ان ننتخب رئيسا للجمهورية بأقصى سرعة.