Site icon IMLebanon

قبل هجمة الزبالة… وبعدها !

لا يخرط في رأس عاقل أن تكون هذه الأزمات، والخربطات، والعرقلات، والتعقيدات من صنع المصادفة أو الأقدار. ثمة عقل شرير يكمن خلف كل ما يُصيب لبنان من فراغ رئاسي، وفراغ سياسي، وفراغ مؤسّساتي، وفراغ على مستوى الدولة ورجالات الدولة…

المثَل المصري يقول: مش ممكن، دا شيء بالعقل؟

تردّدت على مسمع مني ومن بعض الأصدقاء أكثر من مرة، ومن أكثر من مرجع “إنهم ينوون إيصال لبنان واللبنانيين إلى الصراع على الزبالة”.

وها هو حدسهم يصدُق، وينزلق اللبنانيّون الأفذاذ إلى المواجهة وإعلان الحروب والعصيان حول “مدافن” الزبالة. و”التفاصيل” الحقيقيّة لما يشهده لبنان من فصول “حرب الزبالة” انتشرت فوق صنوبر بيروت و… زبالتها.

أجل، يجب أن يتبهدل لبنان واللبنانيّون في خلافاتهم المتنوّعة والمُشينة… حتى يحين موعدها مع الغطس في كَوْمات الزبالة. وقد تمّ ذلك، وكان لهم ما أرادوا.

لبنان المميّز بالتعدّدية، والديموقراطيّة البرلمانيّة، المسوَّر بالحريّات، والانفتاح، والتسامح الذي يجمع شمْل ثماني عشرة طائفة، هذا اللبنان غارق اليوم حتى شعر رأسه في كَوْمات الزبالة.

أين الوطن – الرسالة؟ أين يا أطلال ذلك اللبنان الذي تُضرب به الأمثال، ويقصده عشّاق الحريّة والأمان؟ أين أولئك الرجال القادة العمالقة الأفذاذ الذين يحتضنون وطنهم في محنته، في سقوطه، في زبالته؟ أين آمون وصوته الغاضب؟

كدنا نُزغرد ونُعلن فرحتنا حين مرّ حزيران من غير أن تبرز “عدّة” التخريب المعتادة في كل صيفيّة. خيّ. لا حروب. لا دواليب مشتعلة تحاصر المطار. لا قطْع طرق وأوتوسترادات. لا محاولات خطف.

كدنا نطير من الفرح. رجعت ليالي زمان وصيفيّات زمان. رجعوا أهالينا. رجعت عجقة الصيفيّات، والكبّة والتبّولة ونارة يا ولد، وزحمة في الشوارع والزواريب.

مَن كان يخطر في باله أن تُضْرَب الصيفية من بيت أبيها، وبمفاجأة من طراز غريب عجيب، تقلب الحالة رأساً على عقب…

وإذا بالزبالة تصل على حين غرّة، مُرفقة بطبْل وزمْر، ومزوَّدة قيادات للدفاع وشرح المطلوب للمؤانسة والإمتاع…

كل الحقّ مع العميد ريمون إده حين يقول إن “المشكلة هي في هذا الشعب اللبناني العريق في حضارته، والذكي، والنشيط في عمله، وكيف ما بتزتّوه بيجي واقف، إلا في السياسة كيف ما بتزتّوه بيجي مبطوح على بطنه أمام الزعيم، وهذا الزعيم هو أيضاً مبطوح وزاحف على بطنه أمام معلّمه… عدو الوطن”.