Site icon IMLebanon

قبل «فجر الجرود» ليس كما بعده

خلال التحضيرات العسكرية لخوض معركة فجر الجرود، كان فريق كبير من اللبنانيين ما زال يشكك في قدرة الجيش على حسم هذه المعركة التي يخوضها ضد قوى رهنت نفسها للموت، وتخوض معاركها على هذا الأساس، متأثراً بالدعايات المضادة التي كانت ترسم صورة نمطية غير صحيحة عن قدرات الجيش القتالية واستعداداته اللوجستية لمثل هكذا معارك.

وهذه الدعاية المضادة تردّد عند أكثر من مصدر عسكري انها اثرت على معنويات الجيش والشعب معاً، ومن المؤسف ان البعض من اللبنانيين، استغل هذا الجو غير المؤاتي للجيش وأعطى انطباعاً شبه عام بأنه يُشكّل وحده البديل عنه الذي بإمكانه حماية لبنان من أي عدوان خارجي اكان إسرائيلياً هذا العدوان أم داخلياً مثل وضع تنظيم داعش وقبله النصرة في الجرود الشمالية للبنان حتى الحدود مع سوريا.

غير انه وبعدما بدأ الجيش معاركه ضد داعش في تلك الجرود والسرعة في تحقيق النصر تلو الآخر على تلك القوى المتحصنة في تلك المناطق الواسعة المساحة، أخذت الصورة عند اللبنانيين بالتبدل وتحولت الشكوك بقدرة الجيش وحده على تحرير الجرود من الدواعش وكل الارهابيين إلى يقين بأن هذا الجيش عندما يلتف ورراءه كل اللبنانيين يتمتع بكل القدرات القتالية لدحر الارهابيين وتطهير كل التراب اللبناني منهم، في الوقت الذي عجزت دول كبيرة وقوى عسكرية ضخمة من النجاح في اقتلاع هؤلاء.

وهكذا تبدّلت تلك الصورة النمطية عن الجيش وتولدت صورة مشرفة عنه وعن قدراته القتالية الفائقة في حال توفرت له كل عناصر القوة من أعتدة ودعم سياسي من كل الفرقاء في البلد.

وهذا النجاح الذي حققه الجيش فضلاً عن انه محا تلك الصورة النمطية التي كانت سائدة عنه عند فريق كبير من اللبنانيين أدخل البلد في وضع جديد يمكن وصفه بأن ما بعد حرب فجر الجرود ليس ما كان الانطباع سائداً قبلها، حيث أثبت الجيش أهلية كاملة وقدرة حقيقية ليس فقط عن الدفاع عن السيادة والاستقلال وعن الأرض والشعب وحده من دون مساعدة وتدخل محلياً كان أم خارجيا بل أصبح هو المرجع الوحيد لهذه السيادة وذلك الاستقلال وعلى الكل ان يُقرّ بهذا الواقع وهذه الحقيقة، وما سجله الجيش من بطولات في الجرود سيؤسس لدينامية جديدة يفترض ان تدفع في اتجاهها القوى السيادية كلها شعارها الأساس حصرية السلاح بيد الجيش اللبناني واعتباره الحامي الوحيد للحدود وللأمن اللبنانيين فالمعركة التي خاضها بكل حرفية ونجاح وثقة بالنفس، أثبتت قدرته العسكرية واللوجستية واهليته لخوض أي حرب أو مواجهة والخروج منها منتصراً وشكلت الرد القاطع على كل ما كان يروّج في الدعايات المضادة التي كانت سائدة قبل معركة فجر الجرود والتي كانت تركز على ان عتاده وعدته وعديده لا تخوله فتح معركة أو صد هجوم.