IMLebanon

قبل المرثاة  

 

نتطلع باهتمام الى الإجتماع الذي يعقده اليوم وزير الإعلام ملحم رياشي لتدارس محنة الصحافة في لبنان مع «أهل القضية». كنّا نسمّيها أزمة، أمّا الآن فقد بات يصحّ فيها أنها محنّة. وهذه حقيقة لا يمكن نكرانها. وأيضاً لا يجوز الوقوف أمامها من دون أي حراك جدّي.

 

ولا نقول جديداً إذا أكدّنا على أن الصحافة اللبنانية المكتوبة ماضية الى الإنقراض إذا لم تُـجْرَ معالجة جدّية، فورية، واعية.

لسنا من يتوقّع أن يتوصل وزير الإعلام مع نقيبي الصحافة وكبار مسؤولي الصحف الى حل سحري اليوم. فليس بين الحضور (وزيراً وإعلاميين) من يملك العصا السحرية. ولكن الكثيرين منهم لديهم أفكار بعضها قد يصلح مادة يُبنى عليها الحل.

وفي تقديرنا أنّ الحل هو مادي أولاً وأخيراً. فلنقلها بصراحة جارحة: الأزمة مالية. وفي هذا الزمن تُضخ ثروات طائلة في وسائط الإعلام. وإلاّ ما الذي أدى الى «إزدهار» صحف خليجية متواضعة الإحتراف المهني ولكنها كبيرة الإمكانات المادية الى حدّ الترف(…) والى تضاؤل حضور وحجم الدور الذي تؤديه صحافتنا اللبنانية المناضلة التي كانت ذات يوم بمثابة «أل التعريف» للبنان، لدرجة لم نكن نفرّق بين ما إذا كانت هذه الصحافة هي التي صنعت مجداً للبنان، أو أنّ هو الذي صنع مجدها. فإلى هذا الحدّ كانت العلاقة عضوية، وبامتياز، بين لبنان وصحافته. ولقد قلنا وكتبنا غير مرّة في هذه الواحة الإعلامية، إنّ رئيس مصر القائد جمال عبد الناصر كان يستيقظ صباحاً وصحف لبنان على مخدّته. وأذكر ذات زمن كنتُ فيه رئيساً لتحرير مجلة لبنانية سياسية كان حضورها طاغياً في العالم العربي، حيث كانت توزّع في أقطاره وفي بعض بلدان الإنتشار العربي في أوروبا أكثر من 150 ألف نسخة. وعندما كنّا نعقد إجتماع التحرير الأسبوعي  الساعة الخامسة من مساء كل يوم خميس (نتدارس العدد الذي «سكّرناه» ونخطط للعدد المقبل) كانت إتصالات وزراء الخارجية والإعلام في بلدان عربية عديدة، تنهال علينا خلال الإجتماع (…).

وللتأكيد على طغيان (بالمعنى الإيجابي) صحافتنا في العالم العربي أن تلك المجلّة صودرت في اليمن كما أبلغنا مكتب صنعاء. لماذا؟ لم يملك مسؤول المكتب جواباً. تصفحنا العدد من الغلاف الأول الى الغلاف الأخير، فلم أجد كلمة واحدة تسيء الى اليمن. العدد اللاحق لم يكن حظه بأفضل من حظ السابق. وأيضاً العدد الثالث صودر! فبادرت الى الإتصال بوزير الإعلام اليمني في حينه، فرحّب معاتباً مرّتين: المرّة الأولى لأنني تأخرت في التواصل معه، والثانية أوضحها بصراحة مباشرة: يا أستاذ خليل عندما تصدر مجلة «…» ولا يرد فيها شيء عن بلدنا، فهذا يعني أننا غير موجودين!

أوردت ما ذكرته أعلاه لألفت عناية معالي وزير الإعلام الصديق ملحم رياشي (وعناية المسؤولين عبره) إلى الدور الكبير الذي أدّته صحافتنا اللبنانية، وتأثيرها غير المسبوق في دنيا العرب لدى الحكام والمسؤولين والشعوب أيضاً…

أوليس حراماً أن تحتضر هكذا صحافة؟!.