IMLebanon

ما قبل الانفجار  

 

البلد عالقٌ في نفق مسدود لا منفذ له، الحصار والخناق يضيق على اللبنانيين الذين استكانوا لقرار صامت بوأدهم تحت انهيار كلّ ما يتهاوى في البلد، ولا يلام اللبنانيّون على حالة الخذلان والاستسلام التي يعيشونها حتى ملامسة الدولار حدود الثمانية عشرة ألف ليرة لم تجعلهم يخرجون إلى الشارع، ما شاهدناه ليل السبت في طرابلس هو تحرّك لفوضويين بأعداد محدودة لا يقدّمون ولا يؤخرون في تغيير المشهد ولا الواقع. يعيش اللبنانيون خيبة أمل فادحة ويدركون جيّداً أنّه ليس بمقدورهم التغيير بوجود فريق يملك السلاح ويسيطر على القرار…

 

اعتاد اللبنانيّون أنّ الحال في لبنان لا يتغيّر إلا من سيئ إلى أسوأ بل بلغ الحال في هذه المرحلة منتهى السوء، ويُدرك اللبنانيّون أنّهم يعيشون بـ”اللطف الإلهي”، وعدم انتظار أي تحسّن يطرأ على الوضع مهما كان طفيفاً يساعد اللبنانيّين على الاستمرار، عدم الانتظار ينقذهم من الإحساس بالخيبات المتتالية من دولة تعدهم ولا تفي، فقد المواطن اللبناني ثقته نهائيّاً بكلّ الشعارات الحكومية والسياسيّة، لم تعد النّاس تحتمل هذه المهازل والاستهتار والعيش على هذا المنوال من القلق. ومن المؤسف أنّه لا يوجد مسؤولون يأخذون البلد على محمل الجدّ ويقدّرون خطورة الصورة التي تركوها في أذهان العالم، وأنّ حدود غاياتهم هي تناتش السلطة والتكالب على الحصص من دون أدنى اكتراث للحال الذي بلغه الشعب، هذا الذلّ الذي يطارد اللبنانيين في مشاهد الطوابير مخيف جداً والأكثر خوفاً منه السكوت عليه وأخطر من الاثنيْن تحوّل نصف الشعب إلى تجّار سوق سوداء!!

 

سبق وجرّب لبنان تعاون الفرنسيين والأميركيين وندرك أنّ تعنّت الاحتلال الإيراني للبلد قادرٌ على إفشال كل محاولات إنقاذه، يوم كانت إيران دولة ناشئة أخرجت بإرهابها الوجوديْن العسكريين الأميركي والفرنسي من لبنان، ويكاد يمضي عام على تفجير مرفأ بيروت وإطلاق الرئيس الفرنسي مبادرته التي منيت بفشل ذريع، فما الذي بإمكاننا انتظاره بعد إعلان وزيريْ الخارجية الأميركي والفرنسي تكثيف الجهود لإنقاذ الشعب اللبناني، في وقت يترقّب فيه الجميع ماذا ستكون ردّة فعل إيران في حال فشل مفاوضات استعادة الاتفاق النووي، خصوصاً أنّ ظل باراك أوباما يطارد المنطقة إلى حدّ دفع المملكة العربية السعودية للتحاور مع إيران التي لا يُؤمن لها جانب ولا يركن أبداً إلى وعودها وعهودها!!

 

الأيام المقبلة كفيلة بجرّ لبنان إلى حيث لا يريد، الانفجار أم الفوضى مع تراكم الحديث عن الارتطام الكبير، هذا من دون أن نعرف بماذا سنرتطم ما دامت السفينة اللبنانية بلغت قعر الغرق واستقرّت في قاع مرٍّ بات من الصعب أن ينقذها منه أحد، في وجود هكذا نماذج من القيادات السياسيّة كانت تتراشق بالرّدح والشتم في الوقت الذي كانت أجنحة الدولار تصفّق صعوداً ساحقة اللبنانيين ولقمة عيشهم وأمان يومهم وغدهم على أبواب جهنّم الموعودة، التي يتراءى على أبوابها هول الانفجار المقبل!!