Site icon IMLebanon

الرئاسة قبل قانون الانتخاب ؟

تباطأت “التسوية الرئاسية” او تعطلت بعدما تبين ان عواملها لم تكتمل بعد. ربما كان العامل الاقليمي أساسيا في عرقلة التسوية اكثر من التقاء قوى مسيحية كبيرة على رفضها لاسباب مختلفة. وربما كان “حزب الله” قائد معسكر قوى ٨ آذار، يؤثر تأخير أي حل على مستوى ملء الشغور الرئاسي، أملا بتحصيل أكبر قدر من المكاسب، مستندا الى تقديرات أن المرحلة المقبلة ستشهد تحولات كبيرة لمصلحة ما يسمى “محور الممانعة” على مستوى موازين القوى في سوريا. وانطلاقا من هذه القراءة، قد يرى البعض في الحزب المذكور ان اوان التسوية الرئاسية في لبنان لم يحن بعد، وان التنازلات التي يقدمها الفريق الآخر، ولا سيما “تيار المستقبل” اليوم يمكن البناء عليها في المستقبل لانتزاع تنازلات اكبر، كانتزاع قانون انتخاب يقضم قدرا مهما من قوة “تيار المستقبل” والحزب التقدمي الاشتراكي، الاول باعتباره القوة الرئيسية التي تمنع على الحزب احكام سيطرته كاملة على البلد، والثاني على اساس انه لا بد ان يأتي وقت لا تعود المناورات في الهوامش المقبولة بين الاضداد كافية لارضاء قوة “كاسحة ” تعتبر ان الوقت حان للمواقف الواضحة غير القابلة للتأويل. قد يكون مفتاح التسوية الذي يجعل “حزب الله” يركن الى ان لبنان صار في الجعبة، دفن قانون الانتخاب الحالي المبني على قانون ١٩٦٠، وفرض قانون انتخاب يقوم على النسبية في بلد شديد الانقسام مذهبيا وسياسيا، حيث يتداخل الوجهان المذهبي والسياسي بشكل كامل.

من الناحية المبدئية، قد يمثل القانون وفق النسبية ، او حتى القانون المختلط مناصفة بين الاكثري والنسبي، مدخلا حقيقيا لتجديد الدم السياسي في لبنان، وإفراز قيادات جديدة بعدما بلغ النظام السياسي حد الاختناق بفعل التوريث السياسي البغيض احيانا كثيرة . لكن المعضلة التي يواجهها لبنان هي الانقسام المذهبي، وحال الصدام المذهبي – السياسي العنيف، معطوفا على امتلاك جهة حزبية مذهبية سلاحا ومالا وفيرا يمكنها عمليا من “ضبط ” ناخبها كما تبتغي، ويسمح لها باحداث اختراقات خطيرة في البيئات الاخرى.

ان لبنان مطيف الى اقصى الحدود، والهدوء الذي تشهده البلاد لا يعكس الحقيقة المخبأة خلف الواجهة: الاحقاد، والهواجس، والحالات التآمرية هي سمة العلاقات بين البيئات اللبنانية المختلفة، و حزب الله” كحزب طائفي، مذهبي مسلح توسعي وعدواني النزعة يفاقم هذه الحالة المرضية إلى ابعد الحدود . من هنا فإن من يطرح قانون انتخاب جديد قائم على النسبية في بلد كلبنان مقدمة لانتخاب رئيس جديد يكون كمن يقول للبنانيين: “ممنوع انتخاب رئيس”.

لنكن اكثر صراحة : ما دام “حزب الله” ذلك التنظيم المذهبي المسلح التوسعي والعدواني، فالقانون الوحيد المانع لسقوط البلاد بيده نهائيا هو القانون الحالي مع كل مساوئه. هذا اذا بقيت مرجعيتنا اتفاق الطائف!