IMLebanon

قبل السؤال: هل يفعل؟.. سؤال أدقّ: هل يستطيع؟!

ما أن أطفأت المكونات اللبنانية محركاتها للاستراحة بعد عناء طويل ومرير لاقرار قانون الانتخاب الجديد، حتى أدار العهد الجديد محركاته من جديد، ولكن هذه المرة في اتجاه اطلاق ورشة عمل شاملة على مستوى الدولة. واذا كان الشعار في الدول المتقدمة هو السباق مع الوقت، فان الشعار الجديد التي تطلقه الدولة اللبنانية في العهد الجديد هو تعويض الوقت المهدور! يحتاج البلد الى زخم استثنائي… وحتى لو أطلقت أجهزة الدولة كامل الطاقة في محركاتها، فانها لن تتمكن من التعويض سوى القليل القليل من الكثير الكثير الذي فات! والسبب هو ان طبيعة التركيبة اللبنانية سياسيا واجتماعيا، أنشأت شبكة معقّدة من المصالح الفئوية حينا، والفردية المرتبطة بالزعامة في المكونات السياسية حينا، مما يجعل من تضارب المصالح عقدا دائمة ومستعصية، وحلّها يحتاج الى وقت مرّة، والى معجزة مرّات!

***

اللقاءات التشاورية في القصر الجمهوري بناء لدعوة الرئيس ميشال عون، وهي تشمل جميع القوى الممثلة في حكومة الرئيس سعد الحريري، من المفروض أن تؤدي الى تناسق أكبر وتناغم أعظم بين مكونات الحكومة نفسها، والى خلق مناخ توافقي أفضل، والى ازالة بعض الحواجز النفسية والسياسية اذا وجدت. واطلاق ورشة العمل، وفتح الملفات العالقة باتجاه انجاز قضاياها، واغلاقها اما نهائيا، واما الى أجل غير مسمّى، قد يؤدي الى حلحلة، والى اشاعة أجواء من الارتياح على المستوى الشعبي وعلى الصعيد الرسمي أيضا… وعلى الرغم من ان العقد المستعصية لن تحلّ بسحر ساحر، إلاّ أن المحاولة لاقتحامها تبقى أفضل من جلوس القرفصاء والاتكال على الغيب!

***

صحيح أن العهد الجديد لا يزال بانتظار اطلاق حكومة العهد الأولى بعد اجراء الانتخابات النيابية المقبلة على أساس القانون النسبي الجديد، ولكن نظرا لطول المدة الزمنية حتى موعد الاستحقاق الجديد ١١ شهرا، فمن الطبيعي تحريك الأمور ما أمكن لانقاذ ما يمكن انقاذه… ولكن من أين نبدأ؟ والجواب هو: قضايا كثيرة هي المحك، أولها دون منازع هو الفساد المستشري والمتغلغل في مفاصل الدولة والمجتمع. وهناك قضايا عديدة عالقة حيث الفساد يتحدّى هيبة الدولة وقيم العهد الجديد. ولعل العهد يحتاج الى احداث صدمة كبرى بمحاسبة بعض رؤوس الفساد الكبرى، ليكسر حاجز الخوف، وحاجز الحماية للفاسدين، وهو الأمر الذي سيسهل فكّ العقد في الملفات الأخرى العالقة…

***

الاستحقاق العاجل هو اقرار الميزانية العامة للدولة للعام الجديد، والتحدّي الأعظم الذي يرافقها هو قطع الحساب عن السنوات السابقة… وقبل السؤال: هل يفعل العهد؟ يسبقه سؤال أهم: هل يستطيع؟! والجواب هو: نعم يستطيع اذا أراد!